منتديات درب القلم العربية
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.........................شكرا
منتديات درب القلم العربية
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.........................شكرا
منتديات درب القلم العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات درب القلم العربية


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول الأعضاء

 

 مذكرات عاشق

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:20 pm

مذكرات عاشق


الذكرى الأولى :
لست ادري ما اكتب .. او لم اكتب .. ولكنني اشعر بشعور غريب يدفعني للكتابه ..
إنها اول مرة اكتب فيها .. والغريب في الأمر انني اريد ان اكتب لنفسي .. وليس ليقرأني أحد .. بل لأفرغ مايختلج بداخلي .. ولأتذكر كل ما سأكتبه هنا .. دوما .. ولكن .. ماذا اكتب ؟ ومن اين ابدأ؟! هل أبدأ بكتابة نبذة عن نفسي ؟! لا يهم .. فقد تقع هذه المذكرات في يوم ما في يد أحد الأشخاص ويقرأها .. ولذلك اريدها ان تكون اجمل مايمكن .. وبأكثر تفاصيل ممكنه ..
سأرتب افكاري قدر المستطاع وأدون مذكراتي بتسلسل مفهوم ومقبول .. وسأبدأها بالتعريف بنفسي اولا ..
ادعى سيف ..عمري عشرون سنه .. ادرس التمويل في احدى الجامعات الأجنبية العريقه .. في الغرب طبعا .. وانا الآن في سنتي الدراسية الثانيه .. قضيت 13 سنه في المدرسه .. وذلك لأنني كنت ادرس وفقا للنظام البريطاني في التعليم .. بالطبع لم انشأ في الغرب .. فقد ترعرعت ونشأت في بلدي الحبيب قطر .. ولكنني درست في مدارس اجنبيه هناك بناء على رغبة اهلي الذين يعتقدون بأن النظام البريطاني هو النظام الأفضل في التعليم .. وهكذا كان ..
تكلمت عن عمري .. عن دراستي .. والآن سأتكلم عن شكلي .. لست فائق الوسامه .. ولكنني اتمتع ببعض الجاذبيه .." على الأقل هذا ماتقوله لي المرآه " .. لا .. مهلا .. لست مغرورا .. فأصدقائي يقولون لي بأن لي حضورا طاغيا وهيئه ملفته … فأنا ابلغ من الطول 180 سم .. ولي جسم متناسق .. فلست نافر العضلات .. فأنا اكرهها .. ولكنني ايضا لست مترهلا .. لأنني امارس الرياضة بانتظام لأحافظ على وزني الذي يبلغ 76 كج ..
اما بالنسبة لشخصيتي .. فأنا مرح .. احب الضحك والمزاح .. ولكنني في نفس الوقت هادئ ومتزن .. لا احب الوقاحه .. وقلة التهذيب .. واكره الصراخ والضجيج .. اميل للعزله والانفراد بنفسي في بعض الأحيان .. وقد كنت كذلك مذ كنت طفلا صغيرا .. وكبرت والكل يمتدح هدوئي واتزاني ورجاحة عقلي .. إلا انني كنت اعاني من الخجل الشديد لدرجة كانت تعجزني احيانا عن النطق .. وقد كنت طفلا انعزاليا نوعا ما .. ولكنني تغلبت على هذا الخجل والانعزال بعض الشيء مع تقدمي في العمر .. وأصبح لدي الكثير من الأصدقاء من مختلف الأعمار والجنسيات ..
اصدقائي .. بالرغم من انني تغلبت على خجلي وانعزاليتي .. وأصبحت اعرف الكثير من الناس الذين اعتبرهم اصدقاء لي .. إلا انني كنت متحفظا بعلاقتي بهم .. فصفتي الحذر والتحفظ تلازمانني .. ولا امنح ثقتي لأحد بسهوله .. لا أمنحها إلا لمن اشعر بأنه فعلا يستحقها .. ومن يستحقها اكثر من راشد .. هلا .. وعمر الذي اصبح يزعجني بعض الشيء مؤخرا .. ولا ادري لماذا تغير وابتعد عني هكذا .. ولكني سأعرف يوما ما ..
لقد تعرفت بهؤلاء الثلاثة حين كنت في الصف الخامس الإبتدائي .. وقد كبرنا سويا .. يوما بيوم .. وسنة بسنه .. ولازلنا مرتبطين ارتباطا وثيقا ببعضنا البعض .. ولا اتصور ان افترق عنهم في يوم من الأيام .. حين انهينا الثانويه .. قررنا الالتحاق بجامعات في نفس البلد .. لنظل معا ولا نفترق ابدا .. بالرغم من اختلاف ميولنا واختيارنا لتخصصات مختلفه وكليات مختلفه .. إلا اننا قررنا ان تكون وجهتنا واحده .. وها نحن نتقابل هنا .. بشكل اسبوعي واحيانا يومي ..
قد تكون هلا هي الأقرب إلي من راشد وعمر .. ربما لأنها تفهمني دون ان اعبر عما اشعر به بالكثير من الكلمات ؟! وربما لأنها تفكر بنفس الطريقة التي افكر فيها .. لا ادري بالضبط .. ولكنني اقول لهلا مالا استطيع قوله لراشد ولعمر .. وهي كذلك تقول لي كل شيء عنها .. كل ماتشعر به .. كل ما يزعجها .. كل مايفرحها .. وكنت ايضا اقرب اليها من راشد ومن عمر .. بالرغم من انها كانت مغرمة بعمر منذ ايام الثانويه .. ولكنها بالطبع لم تجرؤ على البوح بمشاعرها هذه له ..
حين كنت في المدرسه اغرمت بأكثر من فتاه .. ولكنه كان دوما حبا من طرف واحد .. دون علم الطرف الآخر .. فلم اجرؤ يوما على التقرب من اية فتاة اعجبتني .. ربما لأنني لم اكن اشعر برغبة في التعرف إليهن ؟ وربما لأنني كنت اظن بأن التقرب إليهن سيفسد حلاوة المشاعر التي اشعر بها .. فقد كنت دوما أؤمن بأن اجمل مافي الحب هو عذابه .. وربما .. لأكون صادقا .. يكمن السبب الحقيقي في خوفي وخجلي من التقرب إلى الفتيات .. فأنا لم اكن قد تغلبت على هذا الخجل كلية في ذلك الوقت .. فقد كان دوما يمسك بتلابيبي .. ويعوقني عن اتخاذ خطوات ايجابية تجاه اي فتاه اكن لها المشاعر .. بعكس راشد وعمر .. اللذان كانا دوما سباقان للتودد إلى الفتيات في المدرسه .. وكانا دوما محاطان بالكثير من الصديقات ..
لهذا السبب بالذات لم اكن لأخبرهما يوما بإعجابي بفتاة ما .. فأنا اعرف بأنهما سيدفعانني دفعا للتقرب إليها .. وانا لا اريد ذلك .. فكانت هلا هي الوحيدة التي تعرف عن اخبار قلبي .. ومن يسكنه بالضبط ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:22 pm

الذكرى الثانيه ..
لم استطع النوم بالأمس ... فالقلق كان يآكلني .. نعم .. اعرف بأنه لا يوجد سبب منطقي للقلق .. ولكني كنت قلقا .. خائفا الا اراها اليوم .. وحتى هذه اللحظه .. لازال القلق يرافقني .. ولكني ذاهب إلى هناك لا محاله فلابد لي من رؤيتها مجددا ..
******
ذهبت إلى جامعة هلا .. وانتظرت وحيدا في استراحة الكلية .. جلست لأحتسى كوبا من القهوه .. وانا اشعر بالملل الشديد من الجلوس وحيدا وانتظار انتهاء محاضرات هلا .. وخاصة بأنني هنا لغرض واحد فقط ... وهو رؤية الفتاه التي لم تظهر إلى الآن ..
مر الوقت ببطء شديد .. ساعه .. ساعتان .. لا أثر للفتاه .. ولا لهلا .. ليتني لم آذهب مبكرا هكذا .. لقد اخبرتني هلا بأن محاضراتها ستنتهي في الساعه الثالثة ولكنني اثرت الذهاب مبكرا اولا لأنني كنت شديد القلق .. وثانيا .. لأنني لم اجد مااشغل به وقتي فلا محاضرات لدي اليوم ..
ظهرت هلا فجأة .. واخيرا .. رأيتها تتجه نحوي .. ولكن .. لم تكن هلا وحيده .. كانت ترافقها فتاه .. ياإلهي .. انها هي .. نعم .. كانت هي .. كما رأيتها يوم الجمعه .. جميله .. رائعه .. فاتنه ..
صدمت من معرفة هلا بالفتاه !!! فهي لم تخبرني عنها قط .. ترى من تكون ؟! ولم لم تعرفها هلا حين وصفتها لها ؟! لقد وصفتها بدقة متناهيه .. وبما انها صديقتها فكان لزاما عليها ان تعرفها مباشره .. لا ان تخبرني بأنها لم تفهم اي فتاة اعني ...
ارتبكت حين اقبلت هلا وبرفقتها الفتاه .. لم تكن هلا قد رأتني بعد .. أخذت أتساءل .. ءأقف وألوح لها ؟! ام انتظر إلى أن تراني وتتجه نحوي ؟! فقررت أنه من الأفضل ان اقف والوح لها .. وهذا مافعلته بالضبط .. وقفت .. لوحت لها بيدي .. إلى أن رأتني .. وابتسمت .. ثم تمتمت ببضع كلمات للفتاه واتجهت نحوي دونها .. تمزق قلبي حين اقبلت وحيده .. فقد كان يصرخ طالبا أن تحضرها معها ..
ما إن وصلت هلا حتى بادرتها بالسؤال عن الفتاه .. فاغتاظت لأنني لم اسأل عن حالها اولا .. ولم اسلم عليها حتى .. ولكنني تجاهلت غيظها وأصررت على السؤال عن الفتاه .. فاستغربت هلا إلحاحي ..
أخبرتها بأن هذه هي الفتاه التي كنت اقصدها يوم الجمعه .. فضحكت هلا .. وقالت لي بأنني بالغت كثيرا في وصفها .. فهي ليست آية في الجمال كما كنت اقول .. بل إنها فتاه عاديه .. نعم هي جميله .. بعض الشيء ولكنها ليست بالروعة التي وصفتها أنا بها ..
استأت من سخرية هلا .. وقلت لها بأنني وصفتها كما رآها قلبي .. جميله .. لا بل جميلة جدا .. لها حضور يطغى على المكان .. لها بريق يجعل كل ماحولها باهتا .. لا يكاد يرى .. لها وجه توحي قسماته بالبراءة والطهر .. بالنقاء .. بالسلام والهدوء .. لها عينان كبيرتان ناعمتان .. تعدان بالسعادة الأبديه لكل من يغوص في بحرهما .. لها بشرة بيضاء .. نقية صافيه .. لها شعر اسود غزير .. وكأنه أخذ سواده من ظلمة الليل الحالكه .. كم هي جميلة ابتسامتها .. كم هي جميلة اسنانها البيضاء الصغيره .. التي تظهر حين تبتسم .. كم توحي بالبراءة والطفولة هذه الفتاه الرقيقه ..
تفاصيل كثيره ودقيقه لاحظتها... مع انني لم ارها سوى لحظات .. لحظات خاطفه .. لم تكن تكفي لأروي عيني من روعتها .. وجمالها الباهر ..
عدت لألح مجددا على هلا .. اردت ان اعرف كل شيء عن الفتاه .. اسمها .. عمرها .. من اي بلد .. ماذا تدرس .. كل شيء .. فأخبرتني هلا بأن اسمها حور ( كان للاسم وقع غريب على أذني حين سمعته لأول مره .. ياله من اسم رائع ويناسبها تماما .. حور .. حوريتي .. ) كما اخبرتني بأنها ابنة عمتها .. ولم اكن اتوقع ذلك نهائيا .. فكيف يكون لهلا ابنة عمة لم تحدثنا عنها مطلقا ؟! ولكنها اخبرتني بأن عمتها قد تزوجت رجلا من الكويت وانتقلت للعيش هناك .. ولم تكن تزورهم كثيرا لأنها انشغلت بعملها وبأبنائها .. ولكنها قالت لي ايضا بأن علاقتهم بعمتها كانت وديه .. فكانوا على اتصال دائم .. وإن لم يكونوا قادرين على رؤية بعضهم البعض ..
اخبرتني هلا بأن ابنة عمتها في التاسعة عشر من عمرها .. وتدرس تخصص الديكور .. ( اعجبني تخصصها .. ففيه من الفن والإبداع ما يلائم جمالها الرقيق ) .. كما اخبرتني بأنها تحاول قدر استطاعتها التقرب إليها لأنها تريد ان تعوض سنين البعد عن عمتها وابنائها الذين تكن لهم كل موده وتقدير ..
اردت ان اعرف اكثر عن شخصية حور .. عن طريقة تفكيرها .. لكن هلا اخبرتني بأنها لا تستطيع ان تخبرني بما اريد ان اعرف .. لأنها هي نفسها لم تكن تعرف حور جيدا لتحكم على شخصيتها .. فلا زالت هناك الكثير من الحواجز والتحفظ بينهما .. ولكنها وعدتني بأنها ستحاول القضاء على هذه الحواجز .. وستتقرب منها .. ليس لأجلي بالطبع .. ولكن لأنها كانت فعلا تريد ان تكسب صداقة حور .. التي تبدو ودوده وطيبه للغايه ..
في الحقيقه .. انا سعيد جدا لأن حور قريبة لهلا .. فذلك يعني انني سأستطيع ان اعرف عنها الكثير .. وسأتمكن من التقرب إليها في يوم ما .. ولكن بالطبع ليس الآن .. فلا يزال الوقت مبكرا جدا لاتخاذ اي خطوة للتقرب إليها ..
ترى .. كيف سأنام اليوم ؟! لا بد انني سأحلم بها .. ان صدى اسمها لا يزال يتردد مرات ومرات في عقلي .. ( حور .. حور .. حور ... حور ) يبدو اسما خرافيا .. آت من قصص الجنيات الطيبات .. او من قصص الف ليلة وليله .. اسم يحيطه الكثير من الغموض والسحر ..
لأول مرة في حياتي يعجبني اسم فتاة إلى هذا الحد .. ربما لأنه لم يسبق لي ان سمعت بهذا الاسم .. او ربما لأنه مرتبط بها شخصيا .. مهما كان سبب اعجابي بالاسم .. لا يهم .. المهم هو انه اسمها .. اسمها هي .. وحدها .. دون غيرها من نساء الكون ..
والآن .. لا بد ان اخلد للنوم .. فيوم الغد يعج بالكثير من المحاضرات والدروس ولابد ان اكون مستعدا ومتيقظا .. فتصبحين على خير يا مفكرتي العزيزه .. وانتظري مزيدا من ذكرياتي الحلوه .. والمره ..
والبقيه سوف تاتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:25 pm

الذكرى الثالثه ...
مر شهر كامل مذ رأيت حور لأول مره .. وها انا اتوجه كل يوم اثنين إلى جامعتها لأتمكن من رؤيتها .. وكلي أمل أن الفت انتباهها .. كلي أمل ان تلاحظ وجودي .. تنظر إلي ولو نظرة خاطفه .. ولكن دون جدوى ..
دوما حين اكون متواجدا في المكان .. تنظر في كل اتجاه .. إلا الاتجاه الذي أجلس فيه .. حتى حين اكون برفقة هلا .. فهي لا تنظر إلي .. نعم .. تنظر إلى هلا .. تبتسم لها .. ولكن كما لو ان هلا تجلس وحدها .. وكأنني خيال او طيف في المكان ..
كان ذلك يغيظني .. ألهذه الدرجه لا حضور لي .. ام انها تتعمد تجاهل وجودي ؟! تتعمد ان تتحاشى النظر باتجاهي ؟! لا .. مستحيل .. لم تتعمد ذلك وهي لا تعرفني حتى ؟! لا بد انها لم تلحظني من الأساس .. لا بد انني لست من النوع الذي يعجبها ..
لابد لي ان الفت انتباهها .. بطريقة او بأخرى .. لقد حان وقت التحرك .. واتخاذ خطوة إيجابيه للفت انتباهها ... ولكن كيف ؟! واين ؟! يستحيل ان احاول ذلك في كليتها وامام انظار كل زملاؤها وزميلاتها .. سيكون ذلك محرجا .. سأنتظر إلى ان تأتيني الفرصة من تلقاء نفسها .. ربما اراها صدفة في مكان ما .. فقد رأيتها صدفة اكثر من مرة خارج الكليه ..
نعم .. وجدتها .. لقد رأيتها في المقهى المجاور لكليتي .. مرتان او ثلاث مرات .. لابد اذن انها تتوجه إلى هناك دوما .. سأذهب إلى هناك .. كم الساعة الآن ؟! انها الثانية ظهرا .. إذن لا يزال الوقت يسمح لي بالذهاب إلى هناك .. إلى اللقاء .. سأذهب حالا .. وسأخبرك بما حدث بالتفصيل يا مفكرتي حين اعود ..
*****
ياإلهي .. ليتني لم اذهب .. كان موقفا في غاية الإحراج .. لقد كنت احمقا .. طائشا .. تصرفت بمنتهى الرعونة والغباء .. مهلا مهلا .. لا تستعجلي .. سأخبرك بكل شيء .. وبالتفصيل .. وسأبدأ من البدايه ..
حسنا .. ذهبت للمقهى .. وصلت إلى هناك في الساعة الثالثه .. ووجدتها جالسة هناك وحدها .. تحتسي كوبا من القهوه وتقرأ الجريده .. كانت اول مرة اراها بالمساحيق .. لقد كنت معتادا على رؤيتها دون مساحيق حين تتوجه للكليه .. ورغم انني رأيتها اكثر من مرة خارج الكليه دون مساحيق .. فقد استغربت ان تتزين اليوم بالمساحيق .. كانت فائقة الجمال .. شكلها مختلف جدا .. ولكنني كنت افضلها كما اراها دوما .. شفافه .. ناعمه .. طفلة .. بريئه .. اعطتها المساحيق مظهرا جريئا .. واكسبتها بضع سنوات على عمرها اليافع .. تمنيت لو اطلب منها ازالة هذه المساحيق فهي لا تناسبها .. إنها تشوه صفاء روحها وشفافيتها ..
شعرت بالغيرة من زينتها ... ترى لمن تتزين ؟! هل هناك مناسبة خاصه تتزين لها ؟ ام انه شخص مميز تتزين له ؟! لا ادري .. شعرت بالاختناق حين انتابتني هذه الفكره .. ولكن .. لا .. لم اكن لأسمح لأحد بسرقتها مني ..
دفعتني غيرتي لارتكاب اكبر حماقة ارتكبتها في حياتي .. اقتربت من طاولتها .. وجلست على الطاولة الملاصقة لطاولتها تماما .. واحدثت جلبة وضجيجا وانا اسحب الكرسي للجلوس عليه .. وانا انادي النادل لأطلب منه كوبا من الشاي.. وانا اتصل براشد .. احدثه وامازحه بصوت مرتفع ..
فعلت كل ذلك للفت انتباهها .. وقد نجحت .. فقد كانت تنظر إلي بطرف عينها .. وتبتسم .. حسنا .. لم تكن ابتسامة ترحيب .. بقدر ماكانت ابتسامة سخريه .. ولكنها ابتسامة على أي حال .. شجعتني هذه الابتسامه على المزيد من الحماقات .. فأخذت اغني لها بصوت خافت .. لم يكن ليسمعه سواها .. وليتني لم افعل ..
حسنا .. اشعر بالخجل الشديد وانا اخبرك بذلك .. نعم لقد غنيت لها .. يا إلهي كم كان موقفي محرجا .. ومظهري سخيفا .. لقد اخذت اردد :
( هالعيون شلون املها .. سحر ذوبني بخجلها ) .. فتفاجأت بها .. تقفز غاضبه من مقعدها .. وترمقني بنظرات احتقار .. ثم تنصرف من المقهى ..
شلت حركتي .. لم استطع النهوض من مقعدي .. الشعور بالخزي كان يملؤني .. لقد فاجأني غضبها .. وفاجأتني اكثر نظرتها المحتقره ..
هل سبق ان شعر احد برغبة في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟ ليمحو ذكرى مزعجة من ذاكرته ؟ او ليغير تصرفاته وافعاله ؟ هذا ما اشعر به الآن .. اتمنى لو تعود عقارب الساعة إلى الوراء .. فلا اذهب إلى المقهى ولا اراها هناك ..
كيف سأستطيع مواجهتها مجددا بعد هذا الموقف المحرج ؟! ولكن .. لم غضبت إلى هذا الحد ؟! الم يغازلها أحد من قبل؟! ام ان طريقتي كانت غبيه وحمقاء ؟! لا ادري .. لا بد من ان اتصل براشد او بعمر لأطلب منهما إعطائي دروسا في فن التقرب من الفتيات .. فهما لم يواجها مشكلة قط في ذلك ..
*****
اتصلت بهلا .. لأن حالتي النفسيه كانت في الحضيض .. واردت ان استشيرها فيما حدث .. اردت ان اعرف تفسيرا لتصرف حور تجاهي .. فأخبرتها بكل ما حدث .. اخبرتها بردة فعل حور الحاده نحوي.. فأخذت هلا تضحك وتضحك .. وانا احمر غيظا وغضبا ..
سألتها لم تضحك علي .. وهل ما جرى مسل إلى هذا الحد من وجهة نظرها .. فاعتذرت مني .. وقالت بأنها تضحك لأنها تفاجأت من تصرفي .. فهي لم تتخيل بأنني قد اقدم على مغازلة فتاة في يوم من الأيام .. فالمغازلة لا تناسبني ..
ازداد غيظي .. وتمنيت لو انني لم اخبرها عما حدث .. فهي بدلا من ان تهدئ من روعي .. زادت الأمر سوءا .. ( لا يناسبني ) يالها من كلمه !!!! كيف لا يناسبني ؟! ألا يتقرب كل الرجال من الفتيات ؟! هل تقربهم منهن يثير الضحك ؟! مالذي اختلف فيه عن بقية الرجال ؟! إن راشد وعمر يتقربان دوما من الفتيات .. ولم تضحك هلا منهما يوما .. كان ذلك بالنسبة لها امرا عاديا وطبيعيا اعتادت عليه منذ ايام المدرسه .. إذن لم تجد تقربي انا من فتاة امرا مضحكا .. وغير مناسب لي ؟!
شعرت بالضيق من ردة فعل هلا .. وطلبت منها انهاء المكالمه .. فرفضت وظلت تعتذر وتحاول إصلاح الموقف .. ولكن شعوري بالانزعاج كان كبيرا .. فلم اصغ اليها .. وألححت على انهاء المكالمه .. فوافقت هلا على مضض ..
لم تمض نصف ساعة حتى عاودت هلا الاتصال .. قائلة بأنها تشعر بالذنب لما فعلته .. وطلبت مني الإصغاء إليها .. فاحترمت رغبتها .. وأصغيت ..
بررت هلا ضحكها .. قائلة بأنني كنت دوما شابا خجولا .. يفضل الإعجاب بالفتيات من بعيد دون الاقتراب منهن .. وقد اعتادت هي على موقفي تجاه الفتيات .. وتقبلته تماما كما تقبلت موقف راشد وعمر الأكثر جرأة تجاههن .. وإن كانت تشعر بالألم حين ترى تصرفات عمر تجاههن ..
قالت بأنها لم تتوقع ان اقدم يوما على التقرب من فتاة ما .. ليس لأنه لا يناسبني .. ربما كانت قد اخطأت التعبير على حد قولها .. بل لأنه باختصار ليس انا .. ليس من شخصيتي .. ليس من طباعي ..
ارتحت حين فسرت هلا الموقف بهذه الطريقه .. وتقبلت وجهة نظرها .. وأخبرتها بأنني انا نفسي .. لا ادري كيف اقدمت على مثل هذا التصرف .. ثم غيرنا الموضوع .. لأننا تكلمنا عنه بما فيه الكفايه .. واتفقنا على اللقاء يوم الاثنين في الكلية كالعادة .. بالرغم من اني كنت مترددا في الذهاب إلى هناك .. فلا يزال الموقف حيا في ذاكرتي .. واعتقد بأنني لن استطيع رؤيتها وجها لوجه قبل وقت طويل .. طويل جدا في الحقيقه ..
حسنا .. إلى هنا تنتهي ذكرياتي المؤلمه لهذا اليوم .. لا أدري متى سأعود لك يا مفكرتي لأدون ذكرى جديده .. ولكن .. إلى أن يحين ذلك اليوم .. سأودعك .. على امل ان القاك قريبا .. تصبحين على خير .. واراك لاحقا ..
الذكرى الرابعه :
لم استطع النوم .. فأنا اشعر بالضيق منذ عصر اليوم .. لقد كان يوما كئيبا .. تشاجرنا فيه انا وراشد وهلا مع عمر .. الذي تغير كثيرا .. لست ادري ما اصابه .. منذ جئنا إلى هنا وهو انسان مختلف تماما ..
لقد كنا اصدقاء مقربين جدا إلى بعضنا البعض كما ذكرت في السابق .. ولكنه بدأ يبتعد عنا شيئا فشيئا .. اصبح متحفظا معنا .. باردا .. وكأننا غرباء عنه .. وبالذات معي ومع هلا .. التي تبكي كلما التقينا به .. لقسوته عليها ..
غريب امر هذا الشاب .. كيف لم ينتبه إلى حب هلا اليائس له ؟! كيف لا يشعر بوجودها ولا يعيرها ادنى اهتمام ؟!! لماذا يتعمد إحراجها دوما ؟! لماذا يسخر منها امامنا ؟
مسكينة هلا .. لا ادري كيف اواسيها او ماذا اقول لها !!! حاولت اكثر من مره ان اقول لعمر عن مشاعرها نحوه .. ولكنها كانت دوما تمنعني .. لأنها لا تريده ان يعرف بأنها تحبه .. فكنت ارضخ لرغبتها .. مع انني كنت اتمنى ان اوفق بينهما .. ربما سأحاول يوما ما بطريقه غير مباشره .. من يدري ؟!
*****
لم يكن الشجار مع عمر السبب الوحيد للكآبة التي اشعر بها .. فالسبب الحقيقي لكآبتي هو موقف حور مني .. لا ادري لم تكرهني هذه الفتاه ؟! لم تحتقرني ؟! ابسبب موقف بسيط لم اقصد منه الإساءه ؟!!!!
لقد رأيتها اليوم في الكلية .. وليتني لم ارها .. لأنها بكل بساطه لم تقم سوى بتوجيه نظرة احتقار واشمئزاز بالغين نحوي .. مما اربكني وسبب لي إزعاجا كبيرا .. فتمنيت لو بإمكاني ترك المكان بأسره .. ولكنني لم ارد ان ازيد من توتر الجو .. فيكفي مافعله عمر .. بقيت مكاني والغضب يغلي في عروقي .. شعرت برغبه عارمه في التوجه نحوها وهزها هزا عنيفا ... لأنها ببساطه تدفعني للجنون بنظراتها المشمئزة ..
تظاهرت بالبرودة واللامبالة .. وكأنني لمادرك نظرتها المحتقره .. وكأني لا احترق من الداخل .. وقررت ان انهي هذا الأمر برمته .. فلن اعاود النظر إليها .. ولن احاول التقرب منها مادامت تحتقرني بهذا الشكل ..
رفعت رأسي ولملمت ماتبقى لي من كرامة وكبرياء .. وتظاهرت بالسرور والمرح .. إلى أن حل وقت الرحيل .. نظرت إليها نظرة أخيره .. ثم خرجت إلى المنزل ..
اتصلت بي هلا منذ قليل .. لم أكن في مزاج يسمح لي بالحديث .. ولكنني احترمت حزنها وضيقها .. واصغيت لشكواها من تصرفات عمر ومعاملته القاسية لها .. حاولت مواساتها كالعادة .. ولكني اعرف بأنها لا تريد مواساه بقدر ما تريد التنفيس عن ضيقها بالتحدث إلي عنه ..
ظلت هلا تبكي لساعة كامله وانا احاول ان اهدئ من روعها .. ثم هدأت فجأة وطلبت مني ان نغير الموضوع .. فأحسست بأنها فرصتي لأشكو عما يثقل كاهلي من ضيق .. فأخبرتها بموقف حور مني .. أخبرتها بنظراتها المحتقره .. اخبرتها بقراري .. في الانقطاع عن زيارة كليتها نهائيا لرغبتي في الابتعاد عن حور ..
استغربت هلا مما أخبرتها به .. ولم تصدقني نوعا ما .. ليس لأنها تشك بمصداقيتي .. ولكن لأنها لم تتوقع من حور أن تتصرف بهذه الطريقه دون سبب يذكر .. ولهذا السبب بالذات .. لملمت هلا احزانها .. وقررت الاتصال بحور .. لتستخلص منها اكبر قدر ممكن من المعلومات التي ادت لتصرفها هذا نحوي ..
فرحت بمبادرة هلا هذه كثيرا .. فأخيرا سأعرف سبب هذه النظرات من حور .. وهاأنا الآن انتظر أن تعاود هلا الاتصال بي بعد ان تنهي اتصالها بحور ..
ترى لم تأخرت ولم تتصل بعد ؟! لقد تأخر الوقت كثيرا ...
*****
اتصلت هلا بي منذ قليل .. أخبرتني بأنها اتصلت بحور وكلمتها .. ولكنها لم تعاود الاتصال بي لأنها كانت مشغوله بعض الشيء .. ولم تجد وقتا لتتصل بي قبل الآن .. فلم اعلق على الأمر بالرغم من اني كنت اتحرق بانتظار هذه المكالمه ..
فاجأني ما اخبرتني به هلا .. فقد قالت بأن حور انكرت معرفتها بي ... ( حسنا انها لا تعرفني شخصيا .. ولكن لا بد انها تتذكرني .. ) !!!!
اخبرتني هلا بأنها حاولت بشتى الطرق ان تذكر حور بي .. ولكن دون جدوى .. حتى انها ذكرت لها موقف المقهى .. والأغنية التي غنيتها لها .. ولكنها انكرت .. وقالت بأنني ربما كنت اقصد فتاة اخرى .. فهي لم تلحظني او تراني ابدا من قبل ..
لم اعر انكار حور لمعرفتي اي اهتمام .. فإنكارها هذا هو اكبر دليل على معرفتها بي .. وعلى اهتمامها بطريقة او بأخرى بما يخصني .. فإن كانت لا تذكرني حقا لم وجهت إلي نظرات الاحتقار تلك ؟! إدعاء اللامبالاة هذا لم يقنعني .. فأنا متأكد بأنها تبالي بأمري .. وهذا ما اسعدني كثيرا .. نعم .. انا سعيد لأنها انكرت معرفتها بي ..
حسنا .. لست مغرورا ..ولكني احبب ان احلل تصرفات الآخرين واسبابها .. فلم انكر معرفة شخص ما .. او ملاحظته .. إن كنت فعلا لا ابالي بأمره ؟! إن كنت لا ابالي حقا .. كنت سأذكر أنني التقيت بالشخص .. واتحدث عنه بطريقة عرضيه .. دون اهتمام .. ولن انكر بتاتا معرفتي به ..
ربما انا احلل تصرفاتها من خلال ماقد اقوم به انا شخصيا لو كنت مهتما بأمر شخص ما .. ولكن .. انا متأكد بأنني على صواب هذه المره .. وانها تهتم لأمري ..
يالسعادتي .. يجب ان افعل شيئا ما ... يجب ان اقوم بشيء ما يحطم حاجز الكبرياء والجفاء اللذان تعاملني بهما حور .. ولكن .. ماعساي افعل ؟! حسنا .. اعتقد بأن افضل وسيله للدفاع هي الهجوم .. سأهاجمها بنفس سلاحها الذي تهاجمني به .. سأتجاهلها كليا .. سأوجه لها نظره او نظرتان لا مباليتان .. فأنا لا اقدر ان اوجه لها نظرة احتقار .. اعتقد ان اللامبالاه كافيه .. سأذهب إلى كليتها يوميا .. خلال هذا الأسبوع .. فلا محاظرات لدي هذا الأسبوع ... فهناك بحث علي العمل على انهائه لأقدمه الأسبوع القادم .. وسأقوم بذلك هناك في مكتبة جامعتها ..
لن استطيع ان انام الآن من فرط سعادتي .. فأنا اشعر بنشاط زائد .. سأحاول ان اتصل براشد واخرج معه ... وسأمشي في الهواء الطلق حتى تهدأ مشاعري الثائرة سعادة .. فإلى اللقاء يا مفكرتي .. وانتظري ما سيجري خلال هذا الأسبوع الذي اتشوق له
الذكرى الخامسة :
استيقظت اليوم بحماس شديد .. وأنا افكر بالطريقه التي سأنفذ خطتي التي خططتها بالأمس لكسر كبرياء وغرور حور .. فارتديت ملابسي بتمهل .. وانا ادندن وابتسم .. تناولت إفطاري .. واتجهت إلى الكليه ..
كان الوقت باكرا .. فاتجهت إلى المكتبة برفقة هلا .. لأنه لم يكن مسموحا لغير طلاب الجامعه بزيارة المكتبه وحدهم .. فرافقتني وقدمت بطاقتها الجامعيه لمكتب الاستقبال .. ثم دخلنا .. أخذت الكتب التي احتاج إليها .. وتوجهت إلى إحدى الطاولات وبدأت اعد بحثي ...
بقيت في المكتبة ثلاث ساعات متواصلة .. وقد مر الوقت سريعا دون أشعر .. فلملمت أوراقي وأشيائي .. واتجهت إلى المقهى .. فقد حان وقت المعركه ..
ثقتي بنفسي كانت كبيرة جدا في هذه اللحظات .. وقد كانت هذه الثقة ظاهره بوضوح في خطواتي ومشيتي .. حتى انني شعرت بأنني اكاد أطير مع كل خطوة أخطوها نحو وجهتي .. فهتي كانت عاليه جدا ..
دخلت إلى المقهى الذي كان مكتظا في هذه الساعه .. فهي فترة استراحه لأغلب الطلاب .. اخذت أقلب نظري بين رواد المقهى بحثا عن حور .. إلى أن وقعت عيناي عليها .. فاطمأن قلبي .. وبدأت بتنفيذ خطتي في الحال ..
تظاهرت بعدم رؤيتها .. واتجهت إلى النادل لأطلب لنفسي كوبا من القهوه .. وأخذته معي إلى إحدى الطاولات التي لا يجلس عليها أحد .. وجلست هناك وحيدا .. وفتحت أوراقي متظاهرا بالاهتمام بما فيها .. ( مع انه يستحيل على أحد التركيز وسط هذا الزحام .. ولكني لم اكن مهتما فعليا بالقراءه .. فلا يهم ) ..
أخذت اراقبها خلسه دون ان تشعر .. وقد لاحظت انها توجه إلي نظرات خاطفه .. فسررت لذلك .. وعرفت بأن خطتي تسير على أتم وجه .. فابتسمت دون أن ارفع رأسي عن الأوراق ..
مرت ساعه .. اتصلت بي هلا بعدها تسألني عن مكاني لأنها قد ذهبت للمكتبه ولم تجدني هناك .. فاعتذرت لها لأنني كنت قد نسيت الاتصال بها لإخبارها بأنني قد تركت المكتبه في غمرة حماسي لتنفيذ ماخططت له ..
تقبلت هلا مني الاعتذار وقالت لي بأنها ستوافيني في المقهى بعد ربع ساعه .. فانتظرت قدومها .. كما أخبرتني بأن راشد سيأتي بعد نصف ساعه .. وأن هناك بعض الأصدقاء القدامى سيوافوننا أيضا .. ففرحت لذلك .. لأنه سيساعدني أكثر على تنفيذ خطتي بنجاح ..
جاءت هلا .. وبعدها بدقائق جاء اصدقاؤنا .. وراشد .. فجلسنا نتحدث ونضحك بمرح .. وقد تعمدت ان اكون اكثر مرحا من العاده .. لأغيظ حور .. متابعا تجاهلي لها ولوجودها .. وقد لاحظت تململها في المقعد .. وقلقها المتزايد .. لا بل لاحظت غيظها .. وتوترها .. فسرني ذلك كثيرا .. لأنه يبدو أنني حققت نجاحا منقطع النظير ..
لم تغادر هلا المقهى مطلقا .. يبدو انها تجاهلت كل محاظراتها .. ام انه ليس لديها اي محاظرات اليوم .. لا أدري بالضبط !! ولكن مايهمني هو انها بقيت في المقهى طوال الوقت الذي كنت انا فيه جالسا هناك .. مع العلم بأنني قضيت وقتا طويلا جدا فيه .. وخاصة بأن أصدقائي الذين لم ارهم منذ وقت طويل كانوا معي .. مما اعطاني عذرا لإطالة البقاء ..
*****
اتصلت بي هلا منذ قليل .. تخبرني بأن حال حور لم يعجبها اليوم .. فهي لأول مرة تتغيب عن محاضراتها .. ولأول مره يبدو مزاجها متعكرا إلى درجة الكدر ..
كان لكلام هلا وقع مفرح علي .. ولكنه مقلق في نفس الوقت .. فرحت به في البدايه .. بل كدت اطير به فرحا .. لأنني كنت واثقا بأنني السبب الذي اربكها و ادى إلى تغيبها عن محاضراتها .. ولكن ثقتي هذه لم تدم طويلا .. فقد داخلني بعض الشك .. فربما يكون هناك سبب أخر جعلها تتغيب عن المحاضرات .. سبب لا اعلمه .. ربما كانت تشعر بالضيق قبل مجيئي إلى الكليه ..
حسنا .. إنني متقلب المزاج كثيرا .. اكون في قمة السعادة في لحظه .. وفي قمة التعاسه والشقاء في اخرى .. دون سبب يذكر .. وانا امر بهذه الحاله الآن .. فقد كنت منذ لحظات سعيد بما حدث اليوم في الكليه .. وسعيد لأنني سببت القلق لحور .. ولكن داخلني الشك .. فهل انا سببت لها القلق فعلا ؟ ام انني ابالغ في الغرور بنفسي ؟!
لا بد انني ابالغ بالغرور بنفسي .. لا بد ان هناك امر اخر قد سبب لها الضيق .. إنها لا تعيرني أدنى اهتمام .. وما انا إلا متوهم لاهتمامها بي .. نعم .. ربما يكون هناك شخصا آخر يسكن قلبها .. ربما هي مغرمة بغيري ..
شعوري بالضيق يمنعني من مواصلة ما بدأته اليوم .. لن أعاود الذهاب إلى الكلية مجددا .. علي بالتوقف .. إنها لم ولن تهتم بي أبدا .. اشعر بالضيق .. وبرغبة في التحدث إلى أي شخص .. اي شخص يطمئنني .. يخبرني بأنها فعلا مهتمه بي .. وانني لست متوهما ..
سأذهب للنوم .. فقد أضناني التفكير .. ولست في مزاج يسمح لي بكتابة المزيد .. فتصبحين على خير يا مفكرتي العزيزه ..
*****
لقد استيقظت لتوي من النوم .. مزاجي هادئ ومستقر .. لست مكتئبا كالأمس .. ولست مفرطا في السعادة كذلك .. فأنا بين البينين .. وقد اكون أقرب للكآبة مني إلى السعادة .. ولكن .. بشعور كبير بالسلام والطمأنينه ..
لن أذهب للكلية اليوم .. ليس لأنني سأنفذ قراري الذي اتخذته بالأمس بعدم الذهاب .. فأنا لم اتخذ بعد قراري النهائي .. ولكن لأنني لا اشعر برغبة في الذهاب قبل ان يصفو ذهني تماما ..
اعتذر يا مفكرتي عن تقلب مزاجي المفاجئ .. ولكن .. يجب ان تعرفي بأن المزاجية طبعي .. فأنا دوما اتقلب بين الفرح والكآبة دون اسباب تذكر .. فأكون احيانا مرحا جدا .. واخرى كئيبا .. احيانا مشاكسا واخرى هادئا .. احيانا عنيدا واخرى يائسا .. هذا انا وعليك ان تتقبليني بعيوبي ومزاياي .. قد اتغلب يوما على هذا الطبع .. فمن يدري ما تخبئ لي الأيام ..
والآن .. سأتصل براشد لأخرج معه وارفه عن نفسي قليلا .. فلست في مزاج يسمح لي بالبقاء وحيدا في البيت .. من الأفضل ان اخرج واختلط بالناس .. فأراك لاحقا يا مفكرتي .. وسأخبرك بالتأكيد عن قراري إما بالاستمرار .. او بالتوقف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:30 pm

الذكرى السادسه :
احيانا تصيبني حالة من التبلد الذهني .. اعجز معها عن التفكير .. او .. اكره معها ان اتعب عقلي بالتفكير او التركيز في أمر ما .. وحاليا انا امر بهذه الحالة .. حالة من الكسل الغريب .. اشعر معها بلا مبالاة جامحة .. وكأن رأسي محشيٌ بالقطن .. او كأنني اسير في طريق يلفه الضباب الكثيف الذي تستحيل معه الرؤية .. لا اعرف كيف اصف هذه الحالة بالضبط .. ولكنها حالة غريبه .. اشعر معها بأنه لا يوجد اي شيء مهم في هذه الدنيا .. سأطلق عليها حالة العاديّه .. فهي انسب مسمى لها ..
لقد قادتني خطاي إلى جامعة حور .. لأراها ..بالرغم من اني لم اكن اريد رؤيتها .. ولكن يبدو بأن قدماي لم تطيعا رغبتي بعدم الذهاب ..نعم ذهبت إلى هناك .. ولكني تجنبتها قدر استطاعتي .. فتجاهلتها .. وتجاهلتني وكأنها تعاقبني على تجاهلي لها .. لم افكر في سبب تجاهلها لي فقد كنت مشوشا وغير قادر على اتخاذ قراري حولها .. هل لازلت اريدها ام انني لم اعد اريدها ..لم اكن اعرف حقيقة شعوري في تلك اللحظه ، فقررت عقد هدنه مع نفسي .. إلى ان تزول عني حالة التبلد الذهني التي امر بها .. وبعدها اتخذ قراري ..
سأذهب غدا أيضا إلى كليتهم .. ولكني لن اتوجه للمقهى .. فقد اضعت الكثير من وقتي في التسكع .. ويجب ان اعمل على انهاء بحثي .. فلم يبق امامي الكثير من الوقت .. سأذهب مباشرة إلى المكتبه .. ثم سأنصرف من الكليه دون ان يشعر احد بوجودي .. فيما عدا هلا طبعا لأنها هي التي ستأخذني للمكتبه كالعادة ..
*****
مر الأسبوع بسلام .. لم أر حور إلا نادرا في ممرات الكليه .. وقد استمريت في تحاشيها قدر المستطاع .. كما استمرت هي في تحاشيّ .. ولا أزال امر بحالة العادية إلى الآن ... ربما كنت بحاجة إلى صفعة تخرجني من هذه الحاله .. ( حسنا لست اعني صفعة بالمعنى الحرفي لها .. ولكن لنقل .. موقف .. او صدمه .. لا ادري .. ولكن اي شيء يخرجني من هذه الحاله ) ......
خرجت اليوم مرة اخرى مع راشد .. وهذه المرة اخبرته بكل ماجرى بيني وبين حور .. منذ اول يوم رأيتها فيه .. حتى اني اخبرته عن موقف المقهى .. فاستغرب راشد من تطور الموضوع دون ان يعرف بأي شيء مما يدور .. واستغرب اكثر من موقفي في المقهى .. فهو لم يتصور ان اتصرف بهذه الطريقه مطلقا .. او بالأحرى لم يتصور بأنني في يوم من الأيام قد اقدم على معاكسة فتاة ..
ولكنه لم يضحك .. بل أخذ الموضوع بجديه ..( استغربت لذلك .. فقد اعتدت ان يسخر راشد من مواقفي المترددة مع الفتيات .. ربما احترم مشاعري هذه المرة لأنني كنت جادا جدا وأنا اخبره بتفاصيل ما جرى ) ...
بدأ راشد بتوجيه النصح إلي ..مقدما إلي اقتراحات لما يمكن ان افعل لأكسبها.. وبعد الكثير من الاقتراحات التي رفضتها بإصرار .. يأس راشد مني .. وقال لي بأن افضل طريقة لمعرفة شعور الفتاة نحوي هو المبادرة بالتحدث إليها .. والدخول مباشرة في صلب الموضوع ..
ولكني اخبرته بأنني لا اشعر برغبة في التعرف إليها الآن .. فمن وجهة نظري .. لازال الوقت باكرا لذلك .. ربما لأنني كنت خائفا .. خائفا من ان يزول السحر الذي اشعر به الآن نحوها .. خائفا الا تكون كما اتخيلها .. خائفا الا تعجبني شخصيتها .. ولأكون صريحا اكثر .. كنت خائفا من رفضها لي .. خائفا ان تحرجني .. خائفا ان تردني خائبا فهي اول فتاة احاول التقرب إليها .. اول فتاة اشعر برغبة صادقه في معرفتها ..
قال لي راشد بأنني متطلب جدا .. وأنني طالما بقيت خياليا هكذا .. فلن ارتبط يوما بفتاه .. ونصحني باتخاذ موقف إيجابي بدلا من السلبية التي انا عليها .. وإلا فستطير حور من يدي .. وقد يخطفها شخص آخر .. شخص أكثر إيجابية واستعدادا للمخاطرة ..
أزعجني كلام راشد .. فأنا لا اريد ان يسبقني أحد إليها .. أريدها ان تكون لي وحدي .. ولكني متردد في نفس الوقت .. فلا زلت اعتقد بأن الوقت لم يحن بعد .. ولكني سأعيد التفكير في الأمر .. وخاصة بعد التنبيه الذي اعطاني اياه راشد ..
جلست وحدي افكر فيما قاله راشد لي .. أمعقول ان يحاول احد غيري التقرب إليها ؟ لم لا .. إنها جميله .. وملفته .. وبالتأكيد لست الوحيد الذي يراها كذلك ..ياإلهي .. لم لم انتبه لهذه الحقيقه سابقا ؟! هل كنت اظن بأنني الفارس الذي تنتظره حور؟ يالغروري .. لا بد ان اعرف .. لا بد ان اتأكد بأن الأوان لم يفت بعد .. لا بد ان اطمئن إلى أني لم أتأخر كثيرا ..
سأتصل بهلا وأسألها .. فلن اقدر ان انام دون ان اعرف إن كان هناك سواي ام لا .. لا بد ان هلا تعرف شيئا .. ففي النهاية إنها ابنة عمتها ولا بد أنها تخبرها بالكثير عن نفسها ..
*****
حين اتصلت بهلا حاولت هلا ان تتجنب الإجابة على سؤالي.. وغيرت الموضوع اكثر من مره .. ثم اخبرتني بما كنت اخشاه .. وذلك بعد إلحاح شديد مني .. قالت لي بأن هناك شابا اخر يحاول التقرب من حور .. يدعى اسامه .. في السنة الثالثه وفي نفس التخصص .. أي انه يراها اكثر مني بكثير .. فشعرت بطعنات الغيره تقتلني ..
ألححت عليها .. لمعرفة موقف حور من اسامه .. اهي تتقبل تقربه إليها ام انها تصده .. فحاولت هلا ان تتجنب الإجابة على سؤالي هذا .. وغيرت الموضوع اكثر من مره .. ثم أخبرتني بأنها وحتى هذه الساعه تصده بقسوه .. ولكنها قد تلين لمحاولاته يوما ما .. وخاصة لأنني بدأت بالابتعاد عنها وكأنني لم اعد ابالي بها ..
اتخذت قراري فجأة حين سمعت هذا الكلام من هلا .. سأكلم حور .. يجب ان اعرفها قبل ان يأخذها مني اسامة او غيره .. فلا يمكن ان ابقى سلبيا إلى الأبد ..
طلبت من هلا ان تعرفني إليها .. كأصدقاء .. خططت وهلا للطريقة التي ستعرفني بها بحور .. وقررنا أن يكون ذلك في مقهى الكليه .. فأخذني الحماس وها انا احلم بما سأقول لها في هذا اللقاء .. وبما ستقوله هي لي ..
سأتحدث واتحدث .. سأضحكها واجعلها تعجب بشخصيتي .. سأصغي لكل ماستقوله باهتمام .. ولكني اخاف الا تقبل الجلوس معي .. او ان تجدني ثقيل الظل ..
كيف سأتمكن من النوم في ليلتي هذه ؟! لا ادري .. ولكني يجب ان احاول ان انام الآن .. فتصبحين على خير يا مفكرتي العزيزه وانتظري زيارتي القادمه إليك .. لأخبرك بتفاصيل ما جرى بيني وبين حور .. ولتعلمي بأنني الآن في اشد حالات القلق والخوف التي عرفتها ابدا ..
الذكرى السابعه :
سعادتي لا توصف اليوم .. فقد كان يوما رائعا.. مثيرا ... اخيرا تحقق حلمي .. اخيرا جلست معها .. سمعت صوتها .. حدثتها .. آه كم كان صوتها ساحرا ينساب كأنغام الموسيقى الكلاسيكية .. وآه كم كانت ابتسامتها ساحره تسلب الألباب برقتها وعذوبتها ..
اعرف أنك تتشوقين لتعرفي ماحدث بالتفصيل .. تمهلي قليلا .. فسأخبرك بكل شيء .. سأخبرك بأدق التفاصيل إلى ان تملي مما سأخبرك به ..
سأخبرك اولا كيف تم اللقاء : اتصلت هلا بحور مساء الأمس تدعوها للخروج بعد الكليه .. ( لم تخبرها بأنني سألاقيهم .. فقد خافت ان ترفض حور ذلك ) .. فوافقت حور على الخروج معها ورحبت بذلك .. سائلة إياها عن المكان الذي سيقصدونه .. فأخبرتها هلا بأنهما ستتوجهان إلى أحد المقاهي .. ثم إلى السينما لمشاهدة احدث افلام الرعب ( House of wax ) وقد كانت هلا تعرف بأن حور تحب مشاهدة الأفلام المرعبه ..
ملاحظه : استغربت ميل حور للأفلام المرعبه .. فهو لا يتناسب مع رقتها وشفافيتها .. ولكن .. كما يقال دوما .. للناس فيما يعشقون مذاهب .. وإن كانت تحب الأفلام المرعبه .. فأهلا بالأفلام المرعبه ..
حسنا .. إلى أين وصلت ؟! نعم .. اتفقت هلا مع حور على الخروج بعد الكلية .. على أن يلتقيا بعد المحاضرات في المقهى في الساعة الخامسة مساء .. وقد ابلغتني حور بذلك صباح اليوم .. ففرحت بذلك .. وذهبت إلى كليتي .. كما افعل يوميا .. وانا اتحرق شوقا للساعة الخامسة والنصف .. حيث انني اتفقت مع هلا على ان الاقيهم في المقهى قرب السينما ..
انهيت محاضراتي في الساعة الثالثه .. وعدت إلى المنزل لأستحم واغير ملابسي .. قبل ان اذهب لملاقاتهما .. فقد كان هذا الموعد مهما جدا بالنسبة إلي .. وكنت اريد ان اترك انطباعا جيدا لدى حور .. ولذلك علي الاعتناء بمظهري .. فأول مايراه المرء في الآخرين هو مظهرهم الخارجي ..
وصلت إلى المقهى في الساعة الخامسة بعد ان ذهبت إلى السينما وقطعت التذاكر للفيلم الذي سيعرض في الساعة السادسة وأربعون دقيقه ،، جلست على إحدى الطاولات بانتظار وصول هلا وحور .. وقد تعمدت أن اصل إلى المكان باكرا لسببين ..
الأول : انني كنت شديد التوتر والقلق ففضلت ان اصل باكرا لأهدأ من روعي قليلا قبل رؤيتها ..
والثاني : انني مللت الانتظار في البيت وحيدا .. ففضلت الجلوس في مكان مكتظ بالناس .. حتى لا استغرق في افكاري وهواجسي ..
جلست على الطاولة وطلبت فنجانا من القهوة واخذت احتسيه بهدوء .. وانا اراقب باب المقهى بانتظار أن تصلا في أي لحظه .. وفي تمام الخامسة والنصف .. فتح باب المقهى لتدخل هلا .. تتبعها حور .. التي اضطربت حين رأتني .. وخاصة بعد القطيعة والخصام المتعمدين من قبلنا نحن الاثنين ..
تحاشت حور النظر إلي .. وأخذت تلتفت في المقهى بحثا عن طاوله فارغه .. إلا انها تفاجأت حين أمسكت هلا بيدها وجذبتها نحو الطاولة التي أجلس إليها .. كان الذعر باد على حور .. فقدماها تسمرتا على الأرض .. رافضتين ان تتحركا خطوة واحدة باتجاهي .. فشعرت بالألم .. ولكنني كنت مصمما هذه المره على لقائها .. مهما كان الثمن ..
نهضت من مقعدي مبتسما .. وكأنني اشجعها واناديها .. وخطوت خطوة باتجاه الباب حيث تقفان .. فخطت حور خطوة مترددة بعد ان رأت ابتسامتي .. فجرتها هلا جرا بعد ان تحركت قدماها اخيرا إلى الطاولة حيث اقف .. عرفتها بي .. وعرفتني بها .. فرحبت بي بابتسامه متردده ونظرات زائغه .. لست ادري اهو خوف ام خجل .. ولكنني شعرت حينها بأنني في موقف قوة .. وان لي تأثيرا قويا عليها .. فرحبت بها بثقه .. ثم طلبت منهما الجلوس ..
طلبت لهما المشروبات .. وأخذنا نتحدث بعد ان قالت هلا لحور بأنني كنت رفيقها منذ الطفولة واننا كبرنا سويا .. وقد بدا لي ان حور صدمت نوعا ما حين علمت بذلك .. ولكن صدمتها كان يشوبها نوع من الارتياح الذي لم اعرف له سببا إلى الآن ..
لاحظت أن القلق والتوتر زال عنها بعد وقت قصير من جلوسنا سويا .. واخذت تتحدث معي .. ولكن بخجل وتردد واضحين ..وكانت توجه أغلب حديثها إلى هلا .. ولكنني كنت سعيدا بالاستماع إلى صوتها .. وقد اعجبني خجلها كثيرا .. كما اعجبت بطريقة تفكيرها .. وآراءها .. وكل شيء يتعلق بها ..
مرت ساعة كاملة لم اشعر معها بمرور الوقت .. فقد كان الجلوس برفقة حور ممتعا للغاية .. لقد استمتعت بكل كلمة نطقت بها شفتاها .. وبكل ابتسامة وضحكه صدرت منها .. كنت اراقبها طوال الوقت وهي تتحدث .. فلم اكن أرغب بالحديث .. لأنني كنت افضل ان اصغي اليها .. ان اعرفها اكثر .. ولذك اكتفيت بإدارة الحوار .. دون تدخل فعلي فيه ..
خرجنا من المقهى واتجهنا إلى السينما .. فموعد الفيلم كان قد حان .. ولكن حور حاولت ان تعتذر عن مرافقتنا .. إلا اننا اصرينا عليها انا وحور وقد قلت لها بأنني قد قمت بقطع التذاكر بالفعل .. ورجوتها ان تشاهده معنا .. فوافقت على مضض ..
كان الفيلم رائعا .. بالرغم من اني لم اكن اميل للأفلام المرعبه .. ولكنه كان مثيرا .. ،، كنت اختلس النظر باتجاه حور بين الفينة والأخرى .. وخاصة حين يكون هناك موقفا شديد الإثارة والرعب في الفيلم .. لأراقب ردة فعلها تجاه هذه المشاهد .. وقد كانت ردة فعلها جميلة للغاية .. فقد كانت تغمض عينيها بشدة وتتشبث بذراعي المقعد بقوة وكأنها طفلة صغيره خائفه ..
ردة فعلها تلك جعلتني ابتسم .. فلم اكن ادرك لم تشاهد هذه النوعيه من الأفلام إن كانت تخاف إلى هذا الحد ؟! يالها من فتاة .. كم تعجبني ..
بعد انتهاء الفيلم .. اعتذرت حور وقالت بأنها مضطرة للعودة إلى المنزل لأن الوقت قد تأخر كثيرا .. فودعناها .. رغم انني كنت اتمنى لو بقيت معنا قليلا بعد .. ولكن .. ماباليد حيله ..
سألتني هلا إن كان اللقاء جرى كما كنت اتوقع وإن كنت لا ازال معجبا بحور .. فأخبرتها بأنه كان افضل كثيرا مما تخيلت .. وأن إعجابي بحور قد تضاعف .. فاستغربت لأنني لم اطلب من حور رقم هاتفها .. فأخبرتها بأنني لم اجد ذلك لائقا .. فهو تصرف ينقصه التهذيب .. وقد يحرجها .. وانا لا اريد ان اسبب لها اي نوع من الإحراج .. ثم انني لا اعرف إن كانت قد اعجبت بي ام لا ..
طلبت من هلا ان تكلم حور مرة أخرى ... لتسألها عن رأيها بي .. وقد كنت جازما بأنها لن تقدر هذه المرة على التهرب من الموضوع او انكار معرفتها بي كما فعلت في المرة السابقة ..
وها انا اجلس هنا .. منتظرا اتصال هلا بي للمرة الثانية لتخبرني عما قالته حور بالضبط .. ولكنني هذه المرة سعيد .. سعيد جدا .. وانا استرجع ذكريات اليوم مرات ومرات ومرات .. وابتسم كلما تذكرت إغماضة عينيها وتشبثها بالمقعد ..آآآآآآآآآآآآآه ما اجملها وما ارقها .. ليتها تشعر بي .. ليتها تبادلني المشاعر ..
الذكرى الثامنه :
لم تتصل هلا بحور في تلك الليله .. تقول بأنها انشغلت ببعض الأمور التي لم تخبرني عنها .. استغربت لذلك .. فهذه اول مرة تخفي فيها هلا علي شيئا .. فقد كانت دوما تخبرني بكل مايتعلق بها .. ولكنها هذه المره تعمدت التحفظ والكتمان .. فلم الح عليها لأعرف مابها .. بل تركتها إلى ان تخبرني من تلقاء نفسها ..
طلبت منها ان تتصل بحور مرة ثانيه بما انها لم تقم بالاتصال كما وعدتني .. فوافقت وأغلقت الخط واعدة إياي ان تتصل حالا .. ولم تمض نصف ساعة حتى كانت قد اتصلت بي مجددا .. وقد كان قلبي يخفق بعنف وانا اتلهف لمعرفة مادار بينها وبين حور من حديث ..
اخبرتني بأن حور ردت على اتصالها في الحال .. وبدأت بالحديث قبل ان تبدأ به هلا .. بدأته بالعتاب .. لأنها لم تخبرها بأنني كنت سألقاهم .. وأن هذا التصرف لم يعجبها من هلا .. أخبرتها بأنها كان يجب ان تستأذنها اولا .. وخاصة انها وضعتها في موقف محرج لا تحسد عليه ،، فاعتذرت لها هلا قائلة بأنها خشيت أن تخبرها فلا توافق على المجيء .. وقد كانت فعلا تريد ان تعرفها إلي ..
تقول هلا بأنها أخذت تحاول إرضاء حور .. فلم تجرؤ على السؤال عن رأيها بي إلا قبل نهاية المحادثه ببضع دقائق .. حيث سألت حور عما تظنه بي .. فأخبرتها بأنني لطيف جدا .. وقد استمتعت بوقتها فعلا .. وربما لو انها كانت تعرف مسبقا لاستمتعت اكثر بكثير ..
فسألتها هلا .. لو انها كانت تعلم بوجودي .. هل كانت سترافقها منذ البدايه ؟! فاعترفت حور بأنها كانت سترفض حتما .. فهي لم تكن تريد ان تكون ثقيلة الظل على هلا وعليّ ( ملمحة إلى أنني حبيب هلا ) .. فأكدت لها هلا بأنه لا يوجد بيني وبينها سوى صداقة بريئه .. وقويه جدا ..
فأخبرتها حور بأنها كانت تعتقد بأنني أحب هلا .. ولذلك كانت تشعر بنوع من الحرج وهي معنا .. واعترفت بأنها قد رأتني مع هلا مسبقا في الكليه فأخذت هذا الانطباع عن علاقتنا .. فقالت لها حور بأنني معجب بها هي .. وانني انا من طلب منها أن تحضرها معها .. فتلعثمت حور ولم ترد للحظات .. ثم اخبرت هلا بأنها مضطرة لإنهاء الاتصال .. لأن هناك من يدق جرس الباب ..
استأت من هلا حين قالت لي بأنها اخبرت حور بأنني معجب بها .. إلا انها ردت علي قائلة بأنها اخبرتها بذلك لتضعني في المسار الصحيح لكسب قلب حور .. وأنها إن لم تقل لها ذلك وتؤكده لها .. لشعرت حور بالذنب ولابتعدت عني دونما رجعه .. فتقبلت تفسيرها على مضض .. ولكنني طلبت منها ألا تخبر حور شيئا على لساني مجددا .. لأنني لا أريد فضح مشاعري و مدى تعلقي بها بهذه السهوله ،، ثم طلبت من هلا ان تجمعني بحور ثانية في الكلية ..
*****
جمعتني هلا بحور مجددا بعد يومين .. ولكن هذه المرة في الكلية .. فجلسنا سويا لبعض الوقت .. ثم استأذنت هلا بالانصراف لأنها كانت مضطرة لحضور محاضره ولا تستطيع البقاء معنا .. ( وبصراحه .. لقد كنت انتظر هذه اللحظه بفارغ الصبر .. حتى اتمكن من طلب رقم الهاتف من حور ) .. وهذا مافعلته بالضبط بعد تردد بالغ ..
في البداية غرقنا انا وحور في صمت متوتر .. ربما لأننا كلانا كنا ننتظر مبادرة الطرف الآخر بالحديث .. فكنا نختلس النظرات لبعضنا البعض .. ونبتسم حين تلتقي أعيننا للحظات خاطفة .. لنعود بعدها بإشاحة انظرانا عن بعضنا البعض ..
مرت نصف ساعة ونحن لا نزال على تلك الحال .. خجل .. تردد .. صمت .. فأحسست بأن الملل قد بدأ ينتابها .. فقررت أخيرا أن ابادر بالحديث .. فسألتها عن رأيها بالفيلم .. ولم تحب الأفلام المرعبه ان كانت تخشاها .. فأخبرتني بأنها تحب ان تواجه خوفها دوما .. فهي تؤمن بأن افضل وسيلة للتغلب على الخوف هي المواجهة وأنها اعتادت منذ زمن بعيد ان تواجه كل مخاوفها وألا تترك تلك المخاوف تتغلب عليها ،، فاقتنعت برأيها فقد كان رأيا شجاعا وحكيما ..
استغرقنا بعد ذلك في الحديث فمر الوقت سريعا دون أن نشعر به .. او بالأحرى دون ان اشعر به انا .. فبعد نصف ساعه .. نظرت حور إلى ساعتها وهبت واقفه .. معتذرة لأنها مضطرة للذهاب إلى محاضرتها .. ولململت أشياءها على عجل .. لأنه لم يبق على المحاضرة سوى خمس دقائق ..
لم تكن الفرصة لتسنح لي مجددا .. فقررت استغلالها .. ودون مقدمات .. طلبت منها رقم هاتفها .. وإن كان بإمكاني الاتصال بها .. فوقعت منها حقيبتها على الأرض من الصدمة والارتباك .. احمر وجهها وتلعثمت .. وانحنت لتلتقط الحقيبة عن الأرض ببطء شديد .. ثم استوت واقفه .. وأجابتني بتردد وبصوت لا يكاد يسمع .. بأنها لا تمانع اتصالي .. ودونت رقم هاتفها على قصاصة ورق .. واعطتني إياها .. ثم انصرفت مسرعه ..
سررت كثيرا بردة فعلها .. فقد اعجبني تأثيري القوي عليها .. وأعجبني ان اسبب لها الإرباك والخجل .. وأخذت احدق بقصاصة الورق .. وحفظت الرقم عن ظهر قلب .. ثم خزنته في هاتفي .. ونهضت عن المقعد .. ناسيا بأنني وعدت هلا بأن ألقاها في المقهى مجددا بعد محاضرتها .. سارحا في عالم من الخيال ..
*****
ها انا امسك هاتفي المتحرك بيدي .. احدق برقم هاتفها .. مترددا .. ءأتصل ؟! ام انتظر ؟! فربما تكون مشغوله .. ثم ماذا سأقول لها ؟! وكيف سأبدأ الحديث ؟! فكما تعرفين .. إنها اول مرة احدث فيها فتاه على الهاتف .. ( حسنا اعرف بأن هلا فتاه .. ولكنها صديقتي .. ولا اشعر بالخجل منها مطلقا .. ولكن حور امر مختلف )
حسنا .. سأتصل .. إن ردت علي فسأحاول ان اتحدث معها .. وإن لم ترد .. قد لا اعاود الاتصال مجددا .. ولكن .. مهلا .. إنها لا تعرف رقم هاتفي .. فهي لم تطلبه مني .. وأنا لم اعطها اياه !!!
على الأقل .. إن لم ترد فلن تعرف بأنني انا المتصل .. ولذلك لن ألومها على عدم الرد .. سأعاود الاتصال بها مجددا .. والآن .. سأضغط على ( اتصال ) وادعو الله ان تجيب ولا اضطر لمعاودة الاتصال لاحقا ..
الهاتف يرن .. رنه .. رنتان .. ثلاث .. و .. هاهي تجيب .. اعذريني يامفكرتي .. فأنا مضطر للذهاب الآن .. سأعود إليك لاحقا لأخبرك بما قلناه في هذه المكالمه .. فانتظري عودتي ..
بالمناسبة .. صوتها في الهاتف رائع .. بل هو اروع صوت سمعته في حياتي .. إلى اللقاء الآن ..
الذكرى التاسعة :
كانت مكالمة رائعه .. استغرقت في الحديث مع حور لدرجة انني نسيت نفسي فسهرت الليل بطوله وانا اتحدث إليها .. ولم أنم إلا بعد صلاة الفجر .. لقد كانت مكالمه ممتعه للغايه ..
لم اكن اتصور أنني سأنخرط في الحديث معها براحة بدون خوف او تردد .. بدون خجل او اضطراب .. كنت احس بأنني اعرفها منذ مدة طويله .. بل وكأني عرفتها العمر بأكمله ..
حدثتني عن حياتها ،، دراستها ،، اخوتها .. واستمعت إليها باهتمام بالغ .. وأخبرتها انا عني وعن اسرتي .. عن اخواتي مريم وعبير .. وابناءهم خالد و سعود وهند .. اخبرتها عن امي .. وكيف انها تحبني لأنني ابنها الوحيد الذكر .. اخبرتها عن ابي وعن طيبته الفائقه وحبه الكبير لنا جميعا دون استثناء ..
سألتها عن كل الأسئلة التي حيرتني بشأنها .. سألتها عن سبب نظراتها المحتقره التي كانت توجهها إلي .. سألتها عن سبب إنكارها لمعرفتها بي .. وإن كانت فعلا لم تلاحظني إلا حين دعتها هلا للخروج معنا .. سألتها عن سبب اعتقادها بأنني وهلا نحب بعضنا ..
اجابتني حور على كل الأسئلة التي لطالما حيرتني .. سؤالا سؤالا .. وبوضوح وصراحة تامين .. ولكنها سألتني عن اول مرة رأيتها فيها .. فأخبرتها بأنها كانت في الكلية في الساعة الرابعة في الثامن عشر من شهر اكتوبر .. فقالت لي بأنها قد رأتني قبل هذا التاريخ .. فتفاجأت .. لأنني لم اكن اتخيل بأنني قد اراها في مكان دون ان انتبه لوجودها فيه .. فأكدت لي بأنها قد رأتني بالفعل .. في العاشر من شهر اكتوبر .. اي قبل ان اراها بأسبوع تقريبا ..في المقهى المقابل لكليتي على الطاولات الخارجيه .. ولكنني لم ارها لأنها كانت تلبس نظارات شمسية وتضع قبعة ( كاب ) على رأسها .. وملامح وجهها لا تكاد تظهر ..
اخبرتني بأنني لفتت انتباهها بشدة في ذلك اليوم .. وظلت تلاحقني بنظراتها .. إلا أنني كنت مستغرقا في قراءة الجريدة التي امامي على الطاوله .. ولم اعرها ادنى اهتمام .. سألت صديقاتها عني .. إلا انهن لم يتعرفن إلي ..
أخبرتني بأنها لم تستطع نسيان وجهي منذ تلك اللحظه وتمنت لو كان بإمكانها ان تراني مجددا .. وتلفت انتباهي إليها ..( فانتابتني النشوه لأنني لفتت انتباهها دون ان ادري ) .. قالت بأنها ظلت تفكر بي أياما .. وبعدها رأتني .. وفرحت لأنني ظللت احدق بها كالمشدوه .. ولكنها صدمت حين رأت هلا تسلم علي ثم تجلس معي .. ففضلت الانسحاب .. وتحاشي رؤيتي ..
اخبرتني بأنها تعرف بأن هلا مغرمة بشخص ما .. ولكنها لا تعرف من يكون بالتحديد .. ولذلك حين رأتها معي .. اعتقدت بأنني الحبيب الذي تقصده هلا .. فأكدت لها بأنني لست هو .. وأنه شخص آخر .. مختلف عني تماما .. ولكني اخبرتها بأنني لن استطيع اخبارها من يكون .. فإن كانت هلا تريد اخبارها .. فستخبرها بنفسها ..
لم تكن حور مهتمة بمعرفة من يكون حبيب هلا .. طالما انه ليس انا .. ( هذا ما اخبرتني به بنفسها .. فلا تصفينني بالغرور ) ..
حين اخبرتني حور بهذا ، عرفت سبب نظرات الاحتقار والكره التي كانت توجهها إلي .. فسألتها إن كان ما اظنه صحيحا .. فأجابتني قائلة بأن ما اظنه صحيح .. فقد احتقرتني لأنني احب هلا وفي نفس الوقت الاحق فتيات اخريات .. وكرهتني لأنها رغم حبها الشديد لابنة خالها ،، إلا انها لم تستطع إبعادي عن تفكيرها .. فكان جزء منها يصرخ طالبا الاستجابة لي .. إلا انها كانت تحاول إسكات هذه الصرخة وعدم الإصغاء إليها ..
أما بالنسبة لإنكارها معرفتي .. فقالت لي بأنها خشيت ان تفضح مشاعرها امام هلا لو تكلمت عني ،، كما خشيت أن تجرح مشاعر هلا إن هي عرفت بأن ماحدث في المقهى كان صحيحا .. فربما تكون هلا قد علمت بالأمر من شخص آخر غيري .. شخص اراد إفساد العلاقة بيني وبينها .. فأخبرها بأنني لست وفيا لها ..
فرحت كثيرا بأجوبة حور .. فقد حلت كل الألغاز التي حيرتني طويلا .. وجعلتني اشعر بالاطمئنان لأنها تبادلني مشاعري نوعا ما .. لن اقول بأنها تحبني .. فلا زال الوقت مبكرا للتأكد من ذلك .. ولكن سأقول بأنها تميل إلي .. وسأحاول قدر استطاعتي أن اجعلها تحبني .. ولن اجعلها تندم أبدا لذلك ..
*****
بعد ان اقفلت الهاتف ليلة أمس .. على صلاة الفجر كما سبق ان اخبرتك يا مفكرتي .. توضأت وصليت .. ثم دعوت الله ان يجمعني الله بحور بالرباط الأبدي .. ( الزواج ) وقد كنت اتمنى ذلك من كل قلبي .. وأتوق إليه بشدة ،، بعد ذلك نمت قرير العين إلى الساعة التاسعة صباحا .. ثم توجهت لكليتي بكل سعادة والابتسامة تملأ وجهي ..
حضرت محاضراتي الطويله .. ولم انتبه كثيرا لما يقوله المحاضرون .. لأنني كنت سارحا افكر بمكالمة البارحه .. فأبتسم بحنان بين لحظة وأخرى ،، لم أدون ملاحظاتي في المحاضرات .. بسبب استغراقي في الذكريات .. فقررت أن اطبع ملخصها من الإنترنت .. حيث يقوم المحاضرون بإنزالها على صفحة الكليه بعد انتهاءها .. لمن يرغب في الاطلاع عليها ..
حسنا .. قد ابدو طالبا مهملا .. ولكن العكس هو الصحيح .. بالرغم من انني لا اعير محاضراتي الكثير من الاهتمام ولا اذاكر كثيرا .. إلا أنني كنت دوما احصل على درجات عاليه .. او لنقل معقوله بالنسبة لطالب لا يذاكر كثيرا .. كانت معادلاتي دوما تتراوح بين الامتياز والجيد جدا .. لم يسبق لي ان رسبت في مادة من قبل .. كما لم يسبق لي ان حصلت على معدل مقبول في مادة ما .. أحيانا كنت احصل على معدل جيد فقط .. ولكن ذلك كان في حالات نادرة جدا .. لنقل أحصل عليه فقط إن كانت المادة شديدة الصعوبه ..
بعد ان انهيت كل محاضراتي اتصلت براشد وطلبت منه مرافقتي للغداء فقد كنت اشعر بالجوع .. فوافق راشد في الحال .. بشرط ان اكون انا من سيدفع ثمن الغداء .. لأنه كان في حالة إفلاس هذا الشهر .. ( وهذا هو حال الطلبة المغتربين دوما ) .. فضحكت ووافقت لأنني لم اصرف كثيرا من مالي هذا الشهر ولا تزال لدي بعض المدخرات ..
وفي طريقي للقاء راشد .. اتصلت بهلا .. فأجابتني على الفور .. تسألني بلهفة عما دار بيني وبين حور بالأمس .. فأخبرتها بما حدث باختصار وعلى عجل .. ووعدتها ان اخبرها بكل شيء بالتفصيل حين اعود للمنزل .. فوافقت .. وأخبرتني بأن حور تبدو في غاية السعادة اليوم .. ولذلك فهي فضوليه لمعرفة ادق التفاصيل التي جعلت وجه ابنة عمتها يشع سعادة بهذا الشكل ..
حين اقفلت السماعه .. اتصلت بعمر .. عله يوافق على مرافقتنا للغداء انا وراشد .. إلا انه رفض متحججا بالمذاكره .. فخاب أملي .. واصابني الضيق .. ولكنني رضخت لرغبته .. فلا استطيع إجباره على مرافقتنا ..
وها انا الآن يا مفكرتي العزيزه .. اجلس هنا احادثك .. واخبرك بما جرى بالتفصيل .. وانا انتظر ان تتصل بي حور بلهفه .. فقد اشتقت إليها كثيرا .. ولكنني لن اتصل بها .. فقد اتفقنا ان يكون الاتصال الثاني منها هي وليس مني .. ولذلك .. ليس امامي سوى ان افي بوعدي وانتظر هذا الاتصال على احر من الجمر .. فأدعو الله ان يكون قريبا .. أدعوه ان يكون الآن .. في هذه الدقيقه .. في هذه اللحظه .. في هذه الثانيه .......
الذكرى العاشره :
لقد غبت عنك طويلا يامفكرتي .. اعرف ذلك .. ولكن صدقيني حين اقول بأنني اشتقت إليك .. اشتقت لكل ماسطرته هنا على صفحاتك .. فأرجوك اعذريني و سامحيني لتغيبي .. فمنذ عرفت حور ، وأنا غارق في بحر من السعادة .. غارق في أحلام ناعمة ورديه .. خياليه ... لا يشوبها السواد او الظلام .. فنسيت كل شيء ..
نسيت كل شيء عنك وعن كل من حولي .. فأرجوك لا تلوميني .. فمنذ وجدتها عرفت معنى السعادة وذقت حلاوتها .. فقد اصبحت لي كل ماكنت اتوق له يوما .. كل ما اردت ان احصل عليه .. اصبحت تحتويني من كل اتجاه .. فأصبحت الأم والأخت والحبيبه والصديقه .. فلم اعد بحاجة لأكتب .. فما حاجتي للكتابة إن كان هناك من يسمعني .. من يقرأني ككتاب مفتوح دون حاجة مني للحديث عما يدور بخلدي ..
أصبحت قدرتها على فهمي ،، فهم مشاعري وتحليلها دون ان اتكلم تدهشني .. وتريحني في آن واحد .. أصبحت قدرتها على إزالة اي ضيق عني تجعلني ألجأ إليها دوما .. دون تردد .. فنسيت بأنني كنت ألجأ إليك في السابق .. ربما لأنك كنت تسمعين فقط ما اقول .. دون ان تتجاوبي معي .. دون ان تخبريني بما افعل .. دون ان تحاولي طمأنتي .. هي ماجعلتني انسى بأنك هنا .. دوما مستعدة لسماع المزيد ..
لن احاول تبرير تغيبي .. ولن احاول اختلاق الأعذار .. فأنا اشعر بالخجل لأنني لم اتذكرك إلا الآن .. إلا وأنا على خلاف مع حور .. نعم .. لقد تشاجرنا بالأمس .. وقد كان شجارا غريبا .. لا أعرف سببا له .. او لأقل بأنني اعرف السبب ولكنني اجده سببا تافها .. ماكان يستحق ان نتشاجر عليه ..
حسنا لنقل بأن شجارنا كان بسبب الغيرة والعناد ،، غيرة حور علي .. وعنادي انا . لقد اردت الخروج مع راشد وعمر للسهر ليلا في احد النوادي الليليه ..( لم اكن احب زيارتها كثيرا ولكنني كنت اذهب إليها في بعض الأحيان للتسليه ) ،، فغضبت حور حين أخبرتها بذلك .. وطلبت مني عدم الذهاب بلهجه آمره .. فغضبت وسألتها عن السبب .. فأجابتني بأنها لن تذكر أسبابا ،، وانها لا تريدني أن اذهب وكفى ..
شعرت بغضب شديد ،، فلم اعتد ان يأمرني أحد بما افعل .. وخاصة حين لا يكون هناك مبرر لهذا الأمر ( رغم انني في قرارة نفسي كنت اعرف بأنها تغار علي ) .. إلا انني اردتها ان تقول لي ذلك بنفسها .. اردتها ان تطلب مني عدم الذهاب بلهجة متوسله .. ضعيفه .. منكسره .. وإن كانت فعلت ذلك .. لوافقت على عدم الذهاب بكل سرور ورحابة صدر .. ولكن ،، لأنها أمرتني بعدم الذهاب .. اصررت انا على الذهاب .. فأصبح الموقف بالنسبة لي .. إما كلمتي او كلمتها ..
فازداد غضب حور وأخذت تبكي .. وتقذفني بكلمات جارحة مصرة على عدم ذهابي .. فازددت انا عنادا وإصرارا على الذهاب .. وضربت ببكائها وتوسلها عرض الحائط .. فأقفلت حور سماعة الهاتف وهي لا تزال غاضبه ونشيجها يفطر القلب .. ولكن قلبي لم يرق لها فقد اعماني الغضب حينها وقسوت عليها ..
تركتها تبكي دون أن احاول إرضاؤها .. ولم احاول الاتصال بها مجددا .. فكبريائي كرجل منعتني من ذلك .. وجلست في المنزل وحيدا .. احاول ان اهدأ من غضبي وضيقي .. فخرجت إلى الشارع .. واخذت امشي بسرعة كبيره .. لأفرغ شحنة الغضب بداخلي ،، مشيت لساعات .. إلى أن اعياني التعب فعدت ادراجي إلى المنزل .. وقد كان الليل قد انتصف .. فتوجهت إلى سريري بعد ان اغتسلت واستغرقت في نوم متقطع ،، فقد كنت استيقظ بين فترة وأخرى لألقي نظرة على هاتفي .. علها تكون قد اتصلت دون ان اشعر .. ولكن دون جدوى ..
لم أخرج مع راشد وعمر .. فقد زالت كل رغبة لي في الخروج حالما تشاجرت مع حور .. فلم يعد مزاجي يسمح لي بالخروج والسهر والضحك .. وهكذا ،، فإن شجارنا برمته كان دون سبب يذكر .. فليتني لم اعاندها حين طلبت مني عدم الخروج .. وليتها لم تأمرني بذلك .. ليتها طلبت مني ذلك بود ودلال ..
ندمت على موقفي العنيد .. وندمت اكثر لأنني لم اصغ لتوسلاتها .. ندمت لأنني تركتها تنام وهي حزينه .. لأنني أضعت لحظات كان يمكن ان نعيشها بسعادة معا .. تمنيت لو تتصل بي فأعتذر لها .. فلا يزال كبريائي يمنعني من ان اكون انا البادئ بالاتصال ..
وها انا الآن أجلس هنا وحيدا .. اعض على اصابع الندم .. ولم يبقى لي سواك أبثه همي وحزني .. وهاتفي المتحرك بجانبي هنا على الطاوله .. امسكه تارة واتركه اخرى .. متردد بين رغبتي في الاتصال .. وخوفي من عدم ردها علي ..
ترى هل تفكر في إنهاء العلاقة بيننا ؟ هل جرحتها إلى الحد الذي يجعلها ترغب في الابتعاد عني للأبد؟ ام انها تنتظر مني ان اتصل بها ؟!! لا اعرف فيم تفكر لأنها أول مرة اتشاجر فيها معها .. واتمنى الا يكون حالها كحالي .. ترى هل اتصل بها وأخبرها بأنني لم اذهب ؟ هل اخبرها بأنني نادم على ماحدث بالأمس ؟ ولكنني اخشى ان تعتبرني ضعيفا إن اتصلت .. اخشى ان تظن بأنها تستطيع دوما فرض رأيها علي وأنني سأكون تابعا لها افعل ما تشاء .. اخشى الا تفهم أنني حين افعل ماتريد واحاول إرضاؤها .. فأنا إنما افعل ذلك لأنني احبها .. وليس لأنني ضعيف .. او لأن شخصيتي ضعيفه ..
سأتصل بها ولتظن ماتشاء .. فلم اعد اطيق الانتظار .. فخوفي وقلقي عليها يزداد بمرور الدقائق .. وأشعر بوحدة قاتله .. لم اكن اعرف بأن حبي لها قد وصل إلى هذا الحد .. فأنا لم اعد اطيق حتى التنفس حين لا تكون معي .. آه كم اشتاق إليها .. كم اشتاق لسماع صوتها .. ليتها ترد علي وتسامحني .. ونعود كما كنا .. متحابين .. متآلفين ..
******
لا فائدة .. لقد مر يومان وأنا احاول الاتصال بها دون جدوى .. فهاتفها مغلق .. سألت عنها هلا فأخبرتني بأنها لم ترها منذ ذلك اليوم المشؤوم .. فطلبت منها ان تزورها في المنزل فربما تكون مريضه او أصابها مكروه .. فأخبرتني هلا بأنها حاولت زيارتها ولكنها لم تفتح لها الباب .. كما انها سألت عنها صديقاتها فأخبرنها بأنهن لا يعرفن عنها شيئا .. فحالهن كحالنا تماما .. حاولن الاتصال بها وزيارتها ولكنها لم تجبهم .. كما لم تجبنا ..
ازداد قلقي على حور .. ترى هل أصابها مكروه ؟ هل هي مريضه ؟؟ يا إلهي .. ماعساي أفعل ؟ هل أذهب إلى منزلها واقتحم عليها الباب ؟ امن اللائق ان ازورها هناك ؟! لا .. لا اظنها فكرة صائبه .. سأذهب إلى هلا .. سأجعلها تزورها مجددا وتطرق جرس الباب إلى ان تجيبها حور .. فلا بد انها بالداخل ..
يا إلهي .. ارجو ان تكون بخير .. ارجوك يالله .. لا تصبها بمكروه .. ارجوك ياحور .. افتحي هاتفك .. لن اغضبك مجددا ولكن لا تفعلي هذا بي .. لا تجعليني اموت قلقا وخوفا عليك .. كم انا اسف يا حبيبتي على مافعلت .. أرجوك حور .. ارجوك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:33 pm

الذكرى الحادية عشر :
انتابني القلق كثيرا على حور حين لم ترد علي .. وكنت اخشى ان يكون قد اصابها مكروه .. وقد اخبرتك بذلك في الذكرى السابقه ،، فبقيت اتصل بها .. يوم .. يومان .. ثلاثة ايام .. إلى أن رن هاتفها في اليوم الرابع .. بقي يرن ويرن .. دون رد منها .. ولكنني لم افقد الأمل في ردها .. فكررت اتصالي مرات ومرات .. وحين يئست من ردها .. بعثت إليها برسالة نصية اخبرها بأنني لم اخرج في ذلك اليوم وانني اسف لكل مابدر مني .. وأنني لازلت احبها بقوة ..
لم تتصل بي في ذلك اليوم .. بالرغم من تأكدي من وصول الرسالة إليها .. ولم اهتم كثيرا بردها .. فعلى الأقل .. اطمأننت بأنها بخير .. وليس بها مكروه .. وإن لم ترد علي الآن فلا بد انها سترد علي يوما .. فلن ايأس من ردها ..
وها قد مر اسبوع على شجارنا .. وأخيرا ردت علي حور اليوم .. كان صوتها حزين منكسر .. لم تكن غاضبه .. ولكنها بدت لي متألمه .. فتمنيت لو اقدر ان انتزع كل آلامها منها .. تمنيت لو كانت تلك الآلام قد اصابتني انا بدلا منها ..
رجوتها ان تسامحني .. ان تكف عن الحزن وتنسى ماحدث .. ان تصفح عني وتسامحني لأنني لن اسمح لنفسي أبدا بجعلها حزينه .. ليس بعد اليوم ..
فعادت الابتسامة إلى صوتها بعض الشيء .. وأخبرتني بأنها كانت حزينه لدرجة انها بقيت طريحة الفراش ليومين .. لم تأكل ولم تشرب فيهما شيئا .. كانت تشعر بالضياع وبأنها قد فقدتني للأبد لأنها حاولت ان تأمرني وتفرض آراءها علي .. خشيت ان اكون قد كرهتها .. فلم تجرؤ على فتح هاتفها .. خوفا من أن تتلقى مني رسالة أبلغها فيها بأنني لم اعد اريدها في حياتي ..
ففزعت .. واخبرتها بأنه مهما حدث بيني وبينها ،، فإنني لن اتخلى عنها يوما .. لن اتركها إلا إن كانت لم تعد تريدني في حياتها .. إلا ان كانت قد كرهت وجودي بجانبها .. ووعدتها بأن مشاعري نحوها لن تتغير يوما .. كما اخبرتها بأنني لست ممن يتخلى عن اصدقائه .. فكيف إن كان عن احبابه ؟!
اطمأنت حور ووعدتني بأنها لن تتخلى عني هي ايضا .. وبأنها ستبقى معي مهما كان الثمن .. إلى ان يفرقنا الموت .. وأننا مهما تشاجرنا .. فهي لن تغلق هاتفها مجددا .. وسترد على اتصالاتي وإن كانت في أشد حالاتها غضبا وكرها لي ولتصرفاتي ..
انزاح الهم عني .. وارتحت داخليا .. وخاصة بعد وعد حور بعدم التخلي عني مهما كان الثمن .. وعدنا أنا وحور إلى سالف عهدنا .. محبين لبعضنا البعض .. قريبين من بعضنا البعض ..
لعل الفائدة الوحيدة التي خرجت بها من شجاري مع حور .. هو إدراكي لمدى تعلقي بها .. وشدة ولعي وحبي لها .. ومدى حاجتي لوجودها بقربي دوما .. وكيف أنها اصبحت جزءا من روحي وكياني ..
لم اكن اتصور بأنني قد أحب في يوم من الأيام شخصا إلى هذا الحد .. نعم .. لقد كنت خياليا وحالما .. ولكن بحدود .. فلم اتألم قط لافتراقي عن فتاة .. حتى حين كنت اسافر مودعا اهلي .. كنت اودعهم بهدوء .. دون ذرف للدموع .. ربما لأنني كنت اعرف بأنني سأعود لهم يوما .. ربما لأنني لم اكن اتخيل بأنني سأخسرهم .. لا ادري .. ولكن مجرد تفكيري بأنني لن ارى او اسمع صوت حور مجددا كاد يفقدني صوابي ..
******
اتفقنا انا وحور على ان نلتقي اليوم بعد المحاضرات ونذهب إلى أي مقهى سويا .. فقد مضى زمن طويل منذ رأيتها آخر مرة وقد اشتقت لرؤيتها ولسماع حديثها العذب ..
ارادت حور أن نذهب إلى السينما ولكنني رفضت ذلك .. لأنني لم اكن اريد ان يشغلني أي شيء عنها .. لقد ابتعدنا عن بعضنا بما فيه الكفايه .. وأنا بحاجة الآن للتعويض عما فاتني في الأسبوع الذي كنا فيه متخاصمين .. فسأستغل كل دقيقه وكل ثانيه في النظر إليها .. إلى عينيها .. إلى يديها .. إلى وجهها الذي اعشقه لأطبع كل تفصيل من تفاصيل ملامحها في ذاكرتي للأبد ..
*****
اتصلت بي هلا منذ قليل لتخبرني بأنها تصالحت مع عمر ... وأنه طلب منها الخروج معه لوحدهما .. لأنه يريد ان يحدثها بأمر هام .. فكانت هلا مهتاجه .. متحمسه .. وقلقه في نفس الوقت .. لأنها لم تكن تعرف مايريد ان يخبرها به عمر .. فهو لأول مرة يطلب منها الخروج منفردين .. كما انها اول مره يخبرها بأنه يريد إطلاعها على امر هام .. فلم يكن يؤمنها على أسراره من قبل ..
اصابتني العدوى من حماسة هلا .. فتحمست اكثر منها .. وفكرت بأنه ربما .. وأخيرا سيفكر عمر في هلا جديا .. ويطلب منها الإرتباط .. إلا ان هلا خافت أن اكون شديد التفاؤل .. وأن كل مايريده عمر هو إخبارها عن إحدى مغامراته التي لا تعد ولا تحصى .. فلم اوافق هلا الرأي .. وقلت لها بأنه لا يمكن ان يفعل عمر ذلك .. فهو ليس بحاجة لنصائح اي كان بخصوص علاقاته بالفتيات .. فهو خبير بذلك ..
شعرت بأنني قد جرحت شعور هلا حين قلت ذلك عن عمر .. فلطالما كنت اعرف بأنها تموت غيرة كلما ارتبط عمر بعلاقة جديده .. ولكنها كانت دوما تخفي غيرتها وألمها عنها .. وتتظاهر بالمرح امامه ..
اعتذرت لها عما قلته عن عمر .. فتنهدت وقالت بأنه لا داع لاعتذاري .. فأنا لم اقل إلا الصواب .. وكانت نبرتها حزينه .. فشعرت بأنني قضيت على حماستها وسرورها لموعدها اليوم مع عمر .. وأنها فقدت كل رغبة في الذهاب ولقائه ..
لم اعرف كيف اصلح ما افسدته .. لم اعرف كيف أعيد لها حماستها وسرورها ... فأقفلت الهاتف واتصلت بحور لأخبرها واطلب منها النصح والمشورة .. فأخبرتني بأنها هي ستكلمها وتحاول رفع روحها المعنويه .. ثم تقنعها بلبس أجمل ماعندها .. والذهاب إلى الموعد بثقه و سعاده ..
وها انا الآن اجلس مكتئبا .. منتظرا نتيجة اتصال حور بهلا .. لأطمئن إلى أنني لم افسد كل شيء بغبائي .. ثم .. وثم فقط .. سأخرج إلى المقهى برفقه حور ..
والآن يامفكرتي .. سأذهب .. لأنني قلق جدا .. ولا اشعر برغبة في كتابة المزيد من الذكريات .. ولكنني سأزورك قريبا لأخبرك بما جرى بين هلا وعمر
الذكرى الثانية عشر :
اتصلت بي حور منذ قليل وأخبرتني بأن هلا كانت متكدره كثيرا ولكنها استطاعت تهدأتها وإعادة السرور إلى قلبها .. كما انها تمكنت من إقناعها بلبس أجمل ماعندها من ملابس لتذهب لمقابلة عمر وهي بأبهى حلة .. فاطمأن قلبي و خرجت مع حور مرتاح البال ..
جلسنا في المقهى لساعات طويله .. كانت حور تتحدث وانا اصغي إليها .. غير قادر على إبعاد عيني عن وجهها أتأملها بصمت ودود .. والابتسامة لا تغادر وجهي .. كنت احدق فيها بشده .. إلى درجة انها احمرت من تحديقي بها .. وكانت تطالبني بالكف عن ذلك .. إلا انني كنت ارفض لأنني اريد ان اطبع ملامحها بدقة في ذاكرتي .. ولأن شوقي لها كان كبيرا .. ولأنني اهواها بجنون ..
بعد المقهى خرجت وحور إلى الشارع لنتمشى قليلا .. يدا بيد ... واتجهنا إلى العمارة التي تقطن فيها حور .. أوصلتها إلى باب العمارة .. ثم ودعتها على أمل ان القاها غدا .. ثم اتجهت إلى منزلي والسعادة تغمرني .. فنسيت كل شيء عن هلا و عمر .. رغم انني كنت مشغول البال بهما قبل ان اخرج ..
*****
لم اتذكر هلا إلا حين اتصلت بي لتخبرني عما دار بينها وبين عمر .. فخجلت حينها من نفسي لأنني لم اكن المبادر بالاتصال والسؤال ..
أخبرتني بأن عمر كان رقيقا جدا معها .. واصطحبها للعشاء .. واعترف لها بأنه اكتشف حبه لها منذ دخولنا للجامعه ... ولكنه كان يشعر بأنها بعيدة عنه .. وأنها تفضلني عليه .. فكانت الغيرة تأكله .. لدرجة انه اصبح يكره الخروج معنا ..
اخبرها بأنه انغمس في علاقات متعدده مع فتيات لم يعد يذكر اسماءهن رغبة منه في نسيانها ونسيان تأثيرها عليه .. إلا انه لم يقدر على ذلك أبدا .. فقرر اخيرا ان يرضخ لقلبه .. ويصارحها بحبه .. ويطلب منها ان تحبه ولو قليلا .. رحمة به وبحاله ..
اخبرتني هلا بأنها لم تقدر على ان تكاشفه بمشاعرها نحوه .. لأن الخجل والصدمة قد عقدا لسانها .. فاكتفت بالإصغاء إليه خافضة العينين .. محمرة الوجنتين .. وطلبت منه إمهالها بعض الوقت لتتمكن من الرد على ما اخبرها به للتو ..
استغربت من ردة فعل هلا .. فهي لم تكن تحلم بأن يحبها عمر يوما .. والآن وقد اعترف لها بحبه .. تقف حائره امام ما اخبرها به ولا تعرف بم ترد عليه ؟! إلا انني اظن بأنها كانت لا تزال تحت تأثير صدمة حبه لها .. ولكن .. لأنني اعرف عمر جيدا .. حثثت هلا على الاتصال به في الحال وإخباره بكل شيء عن مشاعرها نحوه .. لأنها إن لم تفعل ذلك فورا .. فسيظن عمر بأنها لا تحبه .. وقد يدخل في مغامرة جديده رغبة منه في الهروب من رفضها لحبه ..
خافت هلا مما قلته لها .. فسارعت بالاتصال به .. لتخبره بمشاعرها اليائسه نحوه .. وكيف انها كانت دوما تحبه دون ان يشعر .. وكيف كانت تتحمل كل مغامراته وطيشه خوفا من فقدانه .. فاعتذر لها عمر بشده عن كل تصرف أرعن قام به يوما .. ووعدها ان يبقى مخلصا لها ولها وحدها إلى الأبد ..
******
لم يبق على نهاية العام الدراسي الحالي سوى ايام قلائل .. يعود بعدها كل إلى وطنه .. بانتظار السنة الدراسية الجديده ( الأخيرة بالنسبة لنا .. انا ، حور ، راشد ، وعمر ) فنظام دراستنا يقتصر على ثلاث سنوات جامعيه فقط ..
اتفق عمر مع هلا على الخطوبة حالما يعودان إلى الدوحة .. على ان يتم الزواج في عطلة منتصف العام الدراسي .. ففرحت كثيرا لهما .. وتمنيت لهما السعادة والتوفيق ..
لم يطلب عمر من هلا ان تقطع علاقتها بي .. ولكنني اعرف بأنه كان يرغب بذلك في قرارة نفسه .. فقمت بما رأيته مناسبا ،، فطلبت من هلا ان تبتعد عني إن كانت تريد الاستمرار والنجاح مع عمر ..وإن كانت ترغب فعلا في إتمام الزواج كما تم الاتفاق بينهما .. فوافقت هلا بارتياح لأنها هي ايضا كانت تعرف بأن عمر سيكره صداقتي معها .. فاتفقنا على الافتراق بود ..وطلبت من هلا ان تعدني بالاتصال بي .. إن شعرت يوما بحاجة ماسة إلى صديق يقف قربها وقت الضيق او الأزمات ..
عادت علاقتي بعمر إلى سالف عهدها بعدما انتهى السبب الذي كان يعكر صفوها .. اي بعد ان اطمأن إلى أن هلا ستكون له وحده .. ولن استطيع ان اسلبه إياها .. وبعد ان عرف بأنها كانت تحبه وحده دون سواه .. وأنني لم احب يوما سوى حور ..
*****
بدأت فترة الاختبارات فغرقنا جميعا في بحر المذاكره .. ولم يعد لدينا وقت للهو وإضاعة الوقت .. بالطبع كنت احدث حور يوميا .. ولكنني لم اعد اخرج معها كثيرا .. فلم اكن اراها إلا في عطلة نهاية الأسبوع .. لساعة واحدة فقط .. وهي الساعة التي نأخذها كاستراحة لنا من المذاكره ..
لم اكن انوي العودة إلى الدوحة مباشرة بعد انتهاء الامتحانات .. فلم اكن ارغب في الابتعاد عن حور بهذه السرعه .. اريد ان اقضي معها بضعة ايام بعيدا عن جو الامتحانات الكئيب .. وهذا مافعلته بالضبط ..
اخبرت اهلي بأنني سأبقى اسبوعا بعد الامتحانات لأرفه عن نفسي قليلا .. فوافقوا رغم شوقهم الشديد إلى رؤيتي .. ولكنهم كانوا يعرفون بأنني بحاجة للنقاهة بعد المذاكرة .. ولذلك سمحوا لي بالبقاء أسبوعا ..
قضيت هذا الاسبوع مع حور بسعادة .. كنا نخرج معا يوميا .. زرنا المتنزهات والسينما والمطاعم والمقاهي والأسواق .. والمعالم الأثريه .. لم نترك شيئا لم نقم به .. وقد كان اجمل اسبوع قضيته في حياتي .. متناسيا الوقت والزمن .. وكأن الدنيا ليست سوانا نحن الاثنين ..
ولكن .. لحظات السعادة لا تدوم طويلا .. فها انا اليوم مضطر للملمة أغراضي استعدادا للسفر والعودة إلى الوطن .. ورغم سعادتي بالعودة إلى الدوحة ورؤية أهلي .. إلا ان هذه السعادة كان ينغصها اضطراري للافتراق عن حور ... اعرف بأنه افتراق وقتي ليس إلا .. وأننا سنعود سويا بإذن الله في السنة القادمة .. ولكن رغم ذلك .. كنت حزينا لأنني لن اراها لشهرين كاملين ..
ماباليد حيله .. ليس امامي سوى السفر .. على امل العودة من جديد .. وعسى ان تمر ايام الفراق سريعا .. والآن إلى اللقاء .. علي حزم امتعتي بتركيز .. لأنني لا اريد ان انسى شيئا هنا ..
الذكرى الثالثة عشر :
وضعت اخر قطعة من ملابسي في الحقيبه واغلقتها ،، وعيناي ممتلأتان بالدموع لوعة واسى لفراق حور .. وها انا اتوجه الآن في طريقي إلى المطار بحزن .. سأتصل بها لتبقى معي إلى ان اصل إلى المطار وانهي إجراءات السفر بسلام ..
*****
كانت رحلة الطائرة طويله ومرهقه .. وخاصة لشخص مثلي .. يشعر بالوحده والحزن .. حاولت ان انام ولكني لم اقدر .. فالذكريات اخذت تمر بي كالشريط السينيمائي .. فهذه ضحكتها،، وتلك ابتسامتها .. هذا بكاؤها ،، وتلك نظرتها .. آه كم اشتاق إليها رغم انني لم اغادرها إلا منذ سويعات قلائل ..
شوقي لها اخذ في الازدياد بمرور الساعات .. وحين شعرت بأنني لم اعد اطيق الصبر والانتظار .. اخذت التفت يمينا وشمالا بحثا عن الهاتف الملحق بمقعد الطائره .. إلى ان وجدته .. فأدخلت بطاقتي الائتمانيه في المكان المخصص لها من الهاتف .. وأدرت رقم هاتفها بأصابع مرتجفة لهفة وشوقا ..
لهفتي لسماع صوتها ذهبت ادراج الرياح ،، لأن هاتفها كان مقفلا .. وقد اعدت المحاولة مرات ومرات دون جدوى ... فقضيت بقية الرحلة خائبا حزينا .. محاولا شغل وقتي بأي شيء .. فتارة اقلب في قنوات التلفزيون .. واخرى اقرأ كتابا .. إلى ان حلت الساعة السابعه مساءا ..
في هذه الساعه تماما ،، حطت الطائرة على ارض مطار الدوحة الدولي .. معلنة الوصول إلى وجهتها .. فهببت واقفا قبل ان تستقر الطائرة تماما .. وقبل ان تطفأ إنذارات ربط احزمة الأمان .. وكل ذلك لسبب واحد فقط .. هو لهفتي لتشغيل هاتفي والاتصال بحور ..
ادرت هاتفي ،، وما ان ظهرت شارة الشبكه .. حتى استلمت رساله نصيه .. ففتحتها متلهفا .. وإذ بها من حور تقول فيها : ( حمدا لله على سلامتك ،، انارت الدوحة بقدومك ... اشتقت إليك ) .. فابتسمت وسارعت بضغط الأرقام لأتصل بها .. إلا انها كانت اسرع مني بالاتصال ..
أجبت اتصالها حتى قبل ان تكتمل الرنة الأولى .. بلهفة وشوق لا يوصفان .. وأخبرتها بأنني كنت على وشك الاتصال بها إلا انها سبقتني .. فضحكت وأخبرتني انها كانت تحدق في هاتفها متلهفه بانتظار ان يتم تسليم الرساله .. لتسارع بالاتصال لأنها كانت قلقة علي للغايه ..
شعرت بسعادة لا توصف حين أدركت مدى لهفتها وقلقها علي .. وانتابتني نشوه لم اعرف مثيلا لها في حياتي .. لأنني ايقنت بأنها تحبني .. لا .. لا تحبني .. بل تعشقني .. وتهيم بي ..
قلت لحور بأنني اتصلت بها من هاتف الطائره ووجدت هاتفها مغلقا .. فسألتها عن سبب إغلاقها للهاتف .. فأجابتني بأن قلقها علي هو السبب .. فاستغربت لهذا الرد البسيط والمختصر في آن .. فسألتها ان تشرح لي كيف يكون قلقها علي سببا لإغلاق هاتفها ؟!
شرحت لي حور السبب قائلة .. بأنها كانت في أشد حالات التوتر منذ صعدت إلى الطائره .. وكانت تذرع غرفتها ذهابا وإيابا مرات ومرات .. على أمل ان تمر الدقائق والساعات ليحين موعد وصولي فتطمئن علي .. وقد كان قلقها يزداد بمرور الوقت .. فأصابتها آلام في معدتها .. و ضربات قلبها أخذت في التسارع .. ويداها في الارتعاش .. وأخذت الأفكار السوداويه تروح وتجيء إلى مخيلتها .. إلى أن أحست بأن رأسها يكاد ينفجر .. فقررت أخذ حبة منومه لتسكت هذه الأفكار .. وهذا الارتعاش .. ثم اغلقت هاتفها ونامت لتستيقظ قبل موعد وصول الطائره بعشر دقائق فقط ..
لم اصدق ما اخبرتني به حور .. ألهذه الدرجة تقلق علي ؟! ايمكن ان تكون جادة فيما تقول ؟؟ اعجبتني الطريقة التي عبرت فيها حور عن حبها وقلقها علي .. فشعرت بحنان طاغ نحوها .. وبأن حبها يغمرني من رأسي إلى أخمص قدمي .. لا اعرف كيف اعبر عن شعوري في تلك اللحظة بالذات .. إن قلت بأنني شعرت بأنني اصبحت كلي قلبا .. هل يبدو هذا التعبير واضحا ؟! او قلت بأنني شعرت بأن الحب يشع من نظراتي وينثر قلوبا متطايره من حولي .. ايبدو هذا اوضح ؟! لا أدري .. ولكن في تلك اللحظه بالذات تمنيت لو كانت حور بقربي لأضمها بكل قوه وحب ..
بعد ان اطمأنت حور إلى وصولي سالما .. اغلقت الهاتف لأتمكن من الاتصال بأهلي وأبلغهم بوصولي .. على وعد مني بأن اتصل بها ليلا واقضي معها وقتا طويلا في الحديث .. ثم اتصلت بأبي الذي اخبرني بأنه ينتظرني في الخارج منذ بعض الوقت ..
اخذت حقائبي وخرجت من المطار برفقة والدي الذي احتضنني حالما رآني .. بالرغم من انه متحفظ عادة في إظهار مشاعره علنا .. إلا ان شوقه لرؤيتي كان كبيرا هذه المره .. فقد غادرتهم منذ سنة كامله لم ازرهم خلالها مطلقا ..
استقبلتني امي بالدموع .. دموع الفرح والشوق .. واخذتني في احضانها بقوه .. ولم تتركني لوقت طويل .. فضممتها بقوه مماثله وذرفت دموعي شوقا لها ولأهلي جميعا .. لأول مرة في حياتي .. فقد كنت اخجل عادة عن التعبير عن مشاعري وحبي لأهلي بالاحتضان او بالدموع .. وكنت شديد التحفظ معهم .. فلا اذكر انني احتضنت ابي او امي يوما .. نعم انا اقبلهما على رأسيهما .. ولكني اخجل من احتضانهما .. لا ادر لم اخجل من ذلك .. ولكنه شعور لطالما انتابني ..
بقيت مع امي واخواتي وابي .. نتسامر ونضحك .. نسترجع ذكريات السنين الماضيه .. والأطفال يتقافزون ويلعبون بمرح وسرور حولنا .. وخاصة بأنهم لم يروني منذ زمن بعيد .. فكنت بالنسبة لهم شخصا جديدا آت من بعيد ..
كنت مسرورا بالجلوس مع اهلي .. ولكني في نفس الوقت كنت اتوق للاختلاء بنفسي في غرفتي الصغيره .. لأتمكن من الاتصال بحور .. فقد كان شوقي إليها يجعلني قلقا .. متململا في مقعدي .. بغير ارتياح ..
لم يسمح لي اهلي بمغادرتهم إلى أن حلت الساعة الواحدة ليلا .. فتوجهت إلى غرفتي بسعادة .. وما ان اغلقت باب الغرفة حتى اخرجت هاتفي من جيبي واتصلت بحور .. التي عاتبتني على تأخيري .. فاعتذرت لها شارحا كيف ان اهلي لم يسمحوا لي بمغادرتهم إلا منذ دقائق معدوده ..
وإلى هنا .. اسمحي لي يامفكرتي أن اغادرك .. وسأعود لك مجددا بذكرى جديده .. قريبا.. فانتظري عودتي .. وإلى اللقاء
الذكرى الرابعة عشر :
هل يمكن للمرء ان يكون بين اهله واحبابه ،، ومع ذلك يملؤه الشعور بالغربه والوحده ؟! هذا ما اشعر به منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماي ارض الدوحه .. بالرغم من شوقي لها .. بالرغم من شوقي لأهلي .. إلا انني كنت اشعر بأن روحي تائهة .. متململه .. غير مستقره ..
منذ ان وصلت إلى هنا .. وانا افضل العزله .. افضل البقاء وحيدا في هدوء غرفتي .. غارقا في أحلامي وذكرياتي .. متخيلا مستقبلي مع حور .. مسترجعا ايامي الحلوة معها .. متذكرا حركاتها وسكناتها .. متخيلا ملامحها الضاحكه المضيئه ..
كان الشعور بالذنب وتأنيب الضمير يملؤني .. فأنا هنا لأكون قريبا من اهلي .. وليس لأبتعد عنهم وابقى وحدي في ظلام غرفتي .. فكنت اجبر نفسي على الخروج والجلوس معهم .. إلا انهم لاحظوا صمتي و قلقي المستمران .. فقلقوا علي .. وسألوني عما اصابي مرات ومرات .. فكنت اجيبهم بأنني بخير وليس بي شيء ..
لا اعرف كيف اعبر عن مشاعري .. لا اعرف كيف اصف ما اشعر به .. فلقد نشأت وكبرت هنا .. ولكنني فجأه لم اعد اشعر بأنني اعرف هذا المكان .. لم اعد احس بأنني اعرف هذا المكان .. او هؤلاء الأشخاص الذين يحيطون بي .. هل غياب سنتين يجعل من المرء غريبا حتى عن اهله ؟! ام انه شعور كل مغترب يعود إلى وطنه لفترة قصيره ثم يغادرها مجددا ؟!
حتى معاملة اهلي لي مختلفه .. فرغم حفاوتهم وترحيبهم بي .. إلا انهم اصبحوا متحفظين في معاملتهم لي .. ربما لأنهم لم يتأقلموا بعد على وجودي بينهم .. او ربما ان ما اشعر به هو مجرد وهم يصوره لي خيالي .. لا ادري ..
استرجعت في مخيلتي شقتي .. غرفتي .. مكتبي .. كليتي .. المقهى الذي ارتاده يوميا .. فشعرت بالحنين والشوق إليهم .. شعرت بأن هذه الأماكن مألوفة إلي اكثر من منزلي هنا .. شعرت برغبة جامحه في العودة إلى كل ما اعتدت إليه هناك .. وبالأخص .. العودة إلى حور .. التي ربما كانت السبب الرئيسي الذي يجعلني قلقا ومتململا .. فمنذ ان عرفتها لم افترق عنها بهذا الشكل ..
حاولت التأقلم على وضعي كضيف هنا في منزل اهلي .. يحل لفترة قصيره ثم يغادر .. وقد تأقلمت بالفعل بعد مرور أسبوع على عودتي .. فقد اعتدت اخيرا على رتابة الحياة وروتينها .. اعتدت على صراخ الأطفال وركضهم المتواصل في المنزل .. اعتدت على الجلوس مع ابي وأزواج اخواتي لساعات في المجلس نقضيها في لعب الورق .. فزال كل شعور بالغربه احسست به في السابق .. فيبدو انه كان شعورا وقتيا .. سببه طول بعدي عنهم ..
******
كنت اتصل بحور يوميا من هنا .. واحدثها لساعات .. وقد كانت كثيرا ما تبكي شوقا لرؤيتي .. وتشكو لي شعورها بالضيق والوحدة وخاصة حين تذهب للأماكن التي اعتدنا على الذهاب إليها سويا .. فكنت احاول ان اهون عليها قدر استطاعتي وأطلب منها الصبر .. فما هي إلا ايام قلائل وينتهي الفصل الصيفي الأول وتعود هي أيضا إلى الكويت ..
كنت اقول لها بأنها ستنسى كل شيء عني حين تصبح مع اهلها واصدقائها .. فكانت تغضب مني بشده وتؤنبني على ما اقول .. وتقسم لي بأنها لن تنساني يوما .. وبأنني سأظل ساكنا روحها إلى آخر يوم من ايام حياتها ..
في الحقيقه .. حين كنت اقول لها بأنها ستنساني حين تعود إلى اهلها .. كنت اقولها بأسلوب مازح .. وكأنني لا اعني ما اقول .. او وكأنني ارغب في إغاظتها .. إلا انني كنت داخليا .. اموت خوفا من ان تنساني بالفعل .. وكنت اعني ما اقول بكل جديه .. ولكني لم اكن اريد ان ابين لها خوفي هذا .. لم اكن اريدها ان تشعر بأنني لست واثقا بنفسي .. لست واثقا بقدرتي على الاحتفاظ بها .. لقد كنت بحاجة لتأكيدها المستمر لي بأنها لن تتركني يوما .. بأنها لن تنساني حتى وإن لقيت كل احبائها ..
وها قد عادت حور أخيرا إلى اهلها .. ولكن ما كنت اخشاه لم يحدث .. فقد بقيت تتصل بي يوميا .. تحدثني بالساعات كما كنا قبل سفرها .. فعاد إلي الشعور بالاطمئنان .. وعادت إلي السعادة مجددا ..
*****
بدأت اخطط للارتباط بحور رسميا .. فقد طال امد تعارفنا .. وانا لم اتخذ بعد اي خطوة نحو الوصول إلى هدفي الرئيسي .. يجب ان افاتح اهلي بموضوع الخطوبه .. يجب ان يتم ذلك قريبا .. ولكن كيف سأفاتحهم ولا تزال امامي سنة دراسيه كامله ؟
اظن بأنني سأنتظر حتى منتصف العام الدراسي الجديد .. لأفاتحهم في الموضوع .. ولا بد انهم لن يمانعوا .. فهي قريبة لهلا وهو يعرفون اهل هلا جيدا ويحبونهم .. فلا اعتقد بأنهم سيرفضون ارتباطي بها ..
لن اخبر هلا بخططي هذه .. لا استطيع إخبارها بشيء الآن فلا احد يضمن الظروف .. ولا يمكن لأي كان بأن يتنبأ بما يخبئ له المستقبل .. لا لن اخبرها .. ليس الآن على الأقل .. سأفاجأها في إجازة منتصف العام بالخبر .. لا بد انها ستسر كثيرا ..
اغمضت عيني واخذت اتخيل وقع الخبر على حور .. وتخيلت الحوار الذي سيدور بيننا .. تخيلت بأنها ستبكي بسعاده .. ثم ستقول لي بأنها تحبني .. وانها ترغب بأن تكون زوجتي وبشده .. فارتسمت ابتسامه حالمه على شفتي .. وانا اتخيل اللذه التي ستكون عليها ملامح حور .. وحمرة الخجل تكسو وجنتيها ..
اه كم ارغب في سماع اغنية رومانسية في هذه اللحظات .. لم لا ادير جهاز الراديو فقد اجد مطلبي بين القنوات الإذاعيه ؟؟
حبايبنا .. وش الدنيا بلاكم ..
ملاه الشوق قلبٍ ما سلاكم ..
يضيق به الفضا بعض الليالي ..
إلى دور نديم ولا لقاكم ..
حبايبنا ترى الفرقى صعيبه ..
على مثلي مولع في هواكم ..
حبايبنا إلى يوم اجتمعتوا ..
ومر الذكر في سيرة لقاكم ..
فلا تقولون يمكنه نسانا ..
حرام الظن في اللي مانساكم ..
ترى يمكني اذكركم واغني ..
ملاه الشوق قلب ما سلاكم ..
اغمضت عيني مستمتعا بكلمات الأغنيه .. فقد كانت تصف حالي من الشوق بدقه .. فغرقت بها .. إلى ان انتهت آخر كلمة من كلماتها ..
والآن .. حان وقت النوم يا مفكرتي فتصبحين على الف خير .. واراك قريبا ..
الذكرى الخامسة عشر :
سرعان ما مرت الأيام وانقضت .. وها انا اليوم استعد للعودة إلى كليتي ، شقتي وإلى كل ما ألفته واعتدت عليه .. وقد كان حماسي كبيرا إلى درجة لا توصف .. بل إلى الحد الذي جعلني اودع أهلي بابتسامة بينما هم يودعونني بالدموع .. فلم اكن قادرا على الشعور بالحزن الذي يشعرون به لفراقي .. ربما لأنني لم استوعب بعد بأنني سأفارقهم لمدة ستة اشهر .. او ربما لأنني اعتدت على ان اعيش بعيدا عنهم .. لم افكر في الأسباب .. كل ماكنت افكر به هو انني سأعود .. سأعود أخيرا إلى .. حور ...
لم اخبر حور بأنني سأعود اليوم .. لأنني أريد ان افاجأها بعودتي .. ترى هل ستكون مسرورة لرؤيتي ؟ هل تشتاق إلي الآن كما اشتاق إليها ؟ هل سأجدها في شقتها ام انها ستكون في الخارج ؟! لا اعرف بالضبط .. ولكنني يجب ان انهي إجراءات ركوب الطائره الآن قبل ان يفوتني موعد الإقلاع ..
*****
وصلت إلى شقتي منهكا .. إلا انني لم ارغب في إضاعة وقتي بأخذ قسط من الراحة .. او حتى بتغيير ملابسي .. كل مافعلته هو انني رميت بحقائبي إلى داخل الشقه .. ثم خرجت مسرعا نحو العمارة التي تسكن فيها حور .. وقرعت الجرس .. فردت علي من المجيب الآلي سائلة : من الطارق ؟ فلم اجب .. لأنني أردتها ان تشغل جهاز الكاميرا الملحق بالمجيب وتراني واقفا على بابها ..
وهذا ماحدث .. شغلت حور الكاميرا .. وشاهدتني في الحال .. فصرخت بسعادة .. مرددة إسمي .. وانهمرت الأسئلة من شفتيها .. كيف .. اين .. متى .. لماذا .. كل انواع الأسئلة .. فلم اجبها سوى بابتسامة .. طالبا منها النزول .. إن كانت لا تريد مني ان ابقى منتظرا على عتبة بابها إلى الأبد ..
أسرعت حور نازلة إلي .. بلهفة وشوق .. لدرجة أنها كادت ان تحضنني شوقا .. ولكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة حياء وخجلا .. فضحكت من اعماق قلبي سعادة وحبا لها .. وأمسكت بيدها بشوق ناظرا إلى عينيها .. مستمتعا بنظراتها الزائغة الهاربة من ملاقاة عيني .. ثم طلبت منها ان ترافقني إلى المقهى لنجلس سويا ونتحدث .. ونسترجع ايامنا الخوالي ..
******
سرعان ما بدأ العام الدراسي .. وانخرطنا جميعا في المذاكرة .. وخاصة أنا .. لأنني كنت انوي إتمام دراستي العليا .. كنت احلم دوما بأن احصل على شهادة الماجستير ، فالدكتوراة .. ولذلك كان علي أن اعمل جاهدا هذه السنة لأرفع من معدلاتي من جيد جدا إلى إمتياز .. وقد كان ذلك يتطلب جهدا كبيرا من ناحيتي .. ولذلك .. اصبحت لا اخرج إلا نادرا .. واقضي اغلب اوقاتي في المذاكره ..
تركيزي الكبير على المذاكرة ادى إلى قضائي وقتا اقل بكثير من السابق مع حور .. التي لم تتفهم انشغالي بالمذاكره .. واعتبرت ذلك تقصيرا مني بحقها .. وتغيرا في مشاعري نحوها .. مما سبب لي شعورا بالضيق والانزعاج .. لأنني كنت اتوقع منها هي بالذات ان تقف إلى جانبي وتشجعني على التركيز والاجتهاد بدلا من التذمر والشكوى ..
ازداد تبرم حور مع مرور الأيام .. وازدادت المشاكل والمشاحنات بيننا .. فبدأت أشعر بأنها تتصرف بطفولية مبالغ بها نوعا ما .. كما بدأت اشعر بأنها تختلق أي سبب للتشاجر معي وذلك فقط لأنني لا استطيع ترك مذاكرتي .. كما لو انها تريدني لها وحدها .. تريدني ان اكرس كل وقتي من اجلها .. تريد امتلاكي قلبا وقالبا .. فبدأت احس بالاختناق .. ولكنني رغم ذلك كنت لا ازال احبها .. واحبها بعمق .. رغم معرفتي وإدراكي لعيوبها .. إلا أن مشاعري نحوها لم تتحرك قيد انمله .. فأنا لا اتغير بسهوله .. ولا أزال حتى هذه اللحظة أخطط لأمر الخطوبة ..
******
ما ان ظهرت نتائج الامتحانات حتى حزمت حقائبي عائدا إلى الدوحه دون إبطاء .. لأنني هذه المرة ذاهب لهدف معين .. ليس فقط لقضاء الإجازة .. وإنما لأكلم اهلي عن حور .. واطلب منهم خطبتها لي .. وهذا ما حدث بالفعل ..
أخبرت اهلي عن حور .. عن كل شيء تقريبا .. كيف رأيتها اول مره .. وكيف هي مشاعرنا تجاه بعضنا البعض .. وكيف انني انوي الزواج بها .. وارغب منهم الموافقة على هذا الزواج ومباركته .. فسّر اهلي لأنني قررت الزواج اخيرا .. ولم يمانعوا نهائيا .. وخاصة لأنهم علموا بأن حور قريبة لهلا .. التي يعرفونها ويعرفون اهلها جيدا .. إلا انهم طلبوا مني إمهالهم بعض الوقت ليتمكنوا من السؤال اكثر عن الفتاة .. والتأكد من انها مناسبة لي .. فوافقت على مضض بشرط أن لا يطيلوا في السؤال .. لأنني لن استطيع البقاء معهم لأكثر من شهر ..
بعد ان سأل اهلي عن حور وعن اهلها .. واطمأنوا من ناحيتها .. اعلنوا لي موافقتهم النهائية على الخطوبة .. فسارعت إلى الاتصال بحور لأزف لها الخبر السعيد .. ففرحت حور .. واخذت تبكي بسعادة .. لأنها كانت تخشى أن لا اكون راغبا في الزواج بها .. كانت تخاف ان لا اقولها يوما .. كانت تخشى ان املّها واتركها دون رجعه .. إلا أنني اكدت لها بأنني ماكنت لأتركها يوما .. وأنني منذ عرفتها كنت انوي الزواج بها .. ولم اكن لأرضى بأقل من ذلك ..
طلبت مني حور الانتظار إلى نهاية هذا العام قبل ان نفاتح اهلها بالأمر رسميا .... لأنها تريد إنهاء دراستها الجامعية قبل ان تتزوج فلا يشغلها الزواج عن المذاكرة .. ولأن والدها لن يوافق على تزويجها قبل إتمام دراستها فوجدت انه من المستحسن ان تتم الخطوبة بعد امتحاناتها النهائيه لهذه السنة .. حيث ان والدها قد يعيد النظر في الأمر إن هي بقي على تخرجها عام واحد فقط ..
لم تعجبني الفكرة .. إلا انني رضخت لها .. بعد ان وعدتني بأن تخبر امها بكل شيء .. وتطلب منها المساعدة على إقناع والدها بالموافقة حين اتقدم لها بطريقة رسمية ..
اخبرت اهلي بأنني سأنتظر إلى ان اتخرج من الجامعه قبل ان اتقدم لخطبة حور .. وذلك لأن موقفي سيكون افضل امام اهلها .. حيث انني احمل شهادتي بيدي .. استغرب أهلي من تغير موقفي المفاجئ .. فبالأمس فقط كنت استعجلهم للموافقة .. واليوم اطلب منهم الانتظار .. إلا انهم اقتنعوا في النهاية بوجهة نظري من التأجيل .. ووجدوا بأنها وجهة نظر صائبه وبها الكثير من المصداقيه..
*****
وها قد عدت مجددا إلى الجامعة والمذاكرة .. وانغمست بها إلى اقصى حد .. لأنني كنت اريد ان يمر الوقت سريعا .. فأتخرج وأحقق حلمي الذي طالما حلمت به .. واتقدم لخطبة حور .. فتصبح ملكا لي وحدي دون سواي .. واخذت ادعو الله ليلا نهارا بأن يحقق لي أملي بالزواج منها ..
هنا نصل .. إلى نقطة التحول .. والتي سيكون لها تأثيرا كبيرا في حياة سيف .. ومذكراته المستقبليه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 10:38 pm

الذكرى السادسة عشر :
ذهبت وأبويّ إلى الكويت .. لأتقدم رسميا لخطبة حور .. بناءا على الموعد الذي حددته لنا والدتها .. ووصلنا إلى منزلهم فاستقبلونا بكل حفاوة وترحيب .. ( استقبلنا والد حور ووالدتها وهي معهم ) .. فدخلت والدتي مباشرة في صلب الموضوع .. وأخبرتهم بالهدف من الزيارة ..
فردت والدة حور بأنهم لا يمانعون بل ويرحبون بي زوجا لابنتهم .. فكل فتاة تتمنى شابا مثلي .. إلا ان هناك شرطا .. لن يتحقق الزواج دونه .. وهو ليس شرطهم فقط .. بل هو شرط حور أيضا .. ( لم اشعر بالقلق حين قالت والدة حور هذا الكلام .. فقد كنت مستعدا لفعل اي شيء من أجلها .. تريد مهرا كبيرا ؟ لم لا .. فهو حقها .. تريد منزلا لنفسها ؟ لا امانع مطلقا .. لتطلب ماتريد ) ... فابتسمت مطمئنا .. وقلت لها : لتطلب حور ما تشاء .. وبإذن الله لن اقصر من ناحيتي وسألبي لها كل ماتريد ..
ولكن مالم اكن اتوقعه هو ان يكون شرطها بهذه الصعوبه .. لم يكن شرطا ماديا .. ولكنه كان شرطا لم اكن مستعدا ابدا للموافقة عليه .. فهو لم يخطر لي ببال .. لقد اراد اهل حور مني أن انتقل للعيش في الكويت .. إلى الأبد .. ان اترك بلدي وأهلي وكل شيء .. واعيش معهم هناك ..
وقع علي الشرط وقوع الصاعقة .. فصرخت وانتفضت واقفا .. وقلت لا .. لا يمكن .. مستحيل .. لن انتقل للعيش هنا مهما حدث .. لن اترك بلدي التي حلمت بالعمل فيها وخدمتها طوال عمري .. لن اترك اهلي الذين احبهم ..
ذهلت حور من ردة فعلي وامتلأت عيناها بالدموع .. فخرجت مسرعة من المجلس ولا ادري إلى اين ذهبت بالضبط .. فلم اكن اهتم .. لأنني ببساطه كنت ارتعش من هول الصدمة والمفاجأة .. فكنت فاقدا للشعور بكل ما حولي .. لم اسمع بقية شروط اهلها .. ولم اسمع رأي والدي في ماقالوا .. لم اعرف ماذا كان رأيهم حيال الشرط .. كل ماكنت اريده هو الهرب من هذا المكان .. لأتمكن من تهدأة نفسي والتفكير بما حدث بهدوء..
فيما بعد .. اخبرتني امي بأنها حاولت لملمة الموقف .. ووعدت أهل حور بالتفكير في هذه الشروط والرد عليهم خلال اقرب فرصه ممكنه .. لأن شرطهم كان شديد الصعوبة .. فأن افترق عنهم للدراسة شيء .. وان اهاجر للأبد شيء اخر .. شيء ليس من السهل عليهم تقبله .. لم اقل شيئا لأمي ردا على ماقالت لهم .. كل مافعلته هو انني طأطأت برأسي موافقا على كلامها .. واتجهت إلى غرفتي بصمت .. فقد كنت فاقدا القدرة على النطق .. وكنت شديد الحزن والكدر ..
تمددت على السرير دون ان اشعل الضوء .. محدقا بالسقف .. افكر وافكر فيما قالته ام حور .. ترى هل كان فعلا شرط حور ؟ هل ارادت مني حقا ان اترك كل شيء لأجلها ؟ هل بلغت بها الأنانية إلى هذا الحد ؟! ألم تفكر بأنني الابن الوحيد لوالدي وأنهما ليس لديهما سواي ليقوم بهما وبخدمتهما حين يكبران ؟ ام انها ارادت منا جميعا ان نهاجر إلى الكويت لنبقى كلنا طوع بنانها وتحت تصرفها ..
اغمضت عيني وحاولت ان انام .. إلا انني لم استطع .. فقد كنت اشعر بالنار تشب في جوفي .. لقد كنت اغلي من الداخل .. احس بالحريق في أحشائي .. فنهضت وبدأت الملم ملابسي .. واتصلت بالمطار لأحجز مقعدا للعودة إلى الدوحة .. لأنني لم اعد اطيق البقاء هنا لحظة اخرى ..
اخبرت اهلي بأنني عائد .. وقلت لهم بأن يعودوا هم متى شاؤوا .. فضمتني امي وحاولت ان تهون الأمر علي .. ثم دعت لي بالهداية وراحة البال .. فودعتها واتجهت إلى المطار ..
*****
وها قد مر اسبوع منذ عودتي من الكويت .. ولا ازال حائرا .. فأنا من جهة .. لا اريد ان اخسر حور لأنني احبها بصدق .. ومن جهة اخرى .. لا استطيع ان اتخلى عن كل أحلامي وطموحاتي .. عن كل مسؤولياتي .. عن كل ما احب من اجلها ..
ترى .. هل ستعيد التفكير بشرطها .. هل سيجهلها رفضي لهذا الشرط تتنازل عنه ؟ هل حبها لي كبير إلى الحد الذي يجعلها تتفهم موقفي ووجهة نظري تجاه الأمر .. ام انها ستظل متشبثه بهذا الشرط مهما كان الثمن ؟!
*****
كان يجب ان افكر بهدوء .. يجب ان اصل إلى حل يرضيني ويرضيها في نفس الوقت .. ولذلك سافرت إلى البحرين وحدي .. حتى لا يؤثر احد على قراري .. وقطعت كل وسائل الاتصال بيني وبين العالم الخارجي .. فبقيت في غرفة الفندق وحيدا .. افكر .. إلى ان وجدت حلا قد يرضي كلا الطرفين ..
كان الحل ببساطة يتمثل في أن ابني لي بيتين .. احدهما في الكويت .. والآخر هنا .. فنقضي اسبوعا هنا واسبوعا هناك .. او شهر هنا وشهر هناك .. ولن ابحث عن وظيفة .. فسيكون الالتزام بوظيفة ثابته امرا صعبا بالنسبة لوضعي .. ولذلك سأعمل عملا حرا .. عملا لا يتطلب مني التواجد الدائم في اي من البلدين ..
كان هذا اكثر الحلول عملية من وجهة نظري .. وانسب حل للمشكلة التي وضعتني فيها حور .. فمن ناحيه .. ستتحق لحور رغبتها في البقاء في الكويت .. ومن ناحية اخرى لن اضطر انا لترك الدوحة نهائيا ..
انتابني الحماس وارتفعت روحي المعنوية فأسرعت إلى الهاتف لأتصل بحور واخبرها بالحل الذي توصلت إليه أخيرا .. إلا انها لم تجب اتصالي .. فأعدت المحاولة مرات ومرات دون جدوى .. اعرف بأنها غاضبة مني .. لأنني رفضت شرطها بقسوة .. ولذلك قمت بإرسال رسالة أبلغها فيها باقتراحي .. وأسألها الموافقة عليه .. إن كانت فعلا تحبني كما احبها .. وإن كانت تريد لعلاقتنا النجاح والاستمرار ..
جاءني ردها على اقتراحي .. فصدمت .. ولم اعرف ما افعل .. فأخذت اتصل واتصل واتصل .. ولكنها لم تكن تجيب .. إلا أنني كنت اريد ان اتأكد مما قرأت .. اريد ان اسمعها تقوله لي بنفسها .. لا يمكن ان اصدق .. مستحيل ان تكون قد فعلت ذلك ..
وكان هذا ما جاء في الرسالة بالتفصيل :
( انساني يا سيف .. لقد خطبت لشخص اخر .. شخص لم يرفض العيش معي اينما اكون .. لقد فات اوان تنازلك .. فلم اعد بحاجة إليه ) ..
هكذا ؟ بهذه البساطة .. بدون مقدمات ؟! بهذه القسوة ؟ لا .. لا بد انها تكذب علي .. لا يمكن ان يكون هذا قد حدث .. ابهذه السهولة تبيع عشرتنا .. حبنا .. تنسى سنتان من عمرها عاشتهما معي ..
كررت محاولة الاتصال إلى ان اجابت امها على الهاتف بدلا منها .. وطلبت مني بأن انسى كل شيء .. لأن ابنتها ليست من نصيبي .. ولأنها قد اصبحت ملكا لشخص اخر .. فأجبتها غاضبا بأن ذلك مستحيل .. لا يمكن ان تكون حور هي من وافقت على الخطوبه .. لا بد انهم اجبروها على الموافقة .. فأكدت لي والدتها بأنها لم تجبر ابنتها على شيء قط .. لا الآن ولا في السابق .. وان كل شيء تم بناء على رغبتها ..
رفضت تصديق كلام الأم .. كنت افضل الف مرة ان اصدق بأنها اجبرت على الموافقة على ان اصدق بأنها قد تخلت عني .. فألححت على الأم بأن تسمح لي بمحادثة حور لأتأكد بنفسي من صدق ماتقول .. فحاولت التملص .. ولكن نظرا لإلحاحي الشديد .. رضخت اخيرا ..
كلمتني حور بكل هدوء ... كان صوتها فاقدا الحياة ..لا روح فيه .. وكان كل ماقالته هو : بأنها وافقت من تلقاء نفسها .. وان اهلها لم يجبروها على شيء .. وانها تريد مني نسيانها لأنها لم تعد تحبني .. ولم تعد تريدني ..
حين سمعت هذا منها شعرت بالدوار .. والغثيان .. فلم اقل شيئا .. إلا انني اغلقت السماعة على الفور .. لم اغلقها بغضب .. بل اغلقتها بكل هدوء .. وكأن حواسي كلها قد اصابها الخدر والخمول .. فجلست على الكرسي ووضعت رأسي بين كفي .. وأجهشت بالبكاء ..
اخيرا افرغت كل ماكان بداخلي من قلق وحزن .. اخيرا غسلت روحي من الداخل بهذه الدموع.. حتى جفت كل الدموع من عيني .. ولم يعد لدي دموع لأذرفها .. وحينها بعثت لها برساله ضمنتها كل ما اشعر به من مرارة وألم في تلك اللحظه .. فكتبت لها :
ليتك انتظرتي قليلا .. ليتك لم تبيعي حبي لك بهذه السهوله .. ليتك فكرت بي ولو قليلا ونحيت عنك انانيتك وحبك لذاتك المفرطين .. لقد كنت دوما لا تفكرين سوى بنفسك وبسعادتك .. كنت بالنسبة لك مجرد اداه للتسليه .. وانا ،، كنت اركض خلفك كالأبله ملبيا كل اوامرك .. ولكن لا تظني ابدا ان حبي لك كان ضعفا .. لا تظني بأنني سأركض خلفك بعد اليوم .. فأنت لا تستحقين حبي .. لا تستحقين ان اكون لك في يوم من الأيام .. فعودي لمن فضلت علي .. وتأكدي بأنك ستندمين لما تبقى من ايام حياتك ..
وها انا الآن اجلس بكل هدوء لأخبرك بكل ماحدث .. بكل برودة .. ولكن ليس لأن ماحدث لم يؤثر بي .. بل لأنني افرغت شحنة الغضب التي بداخلي في هذه الرساله الطويلة نوعا ما .. فكان تأثيرها كتأثير المخدر في الجسد المليء بالجروح ..
الذكرى السابعة عشر :
بقيت طريح الفراش لأيام بعد الصدمة التي تلقيتها .. لا افعل شيئا سوى ذرف دموع ساخنه .. تنحدر على وجنتي بهدوء وبطء .. دمعة .. دمعة .. بدون نشيج او عويل .. بدون حتى ان يرف لي جفن .. فلم اكن انام او اكل .. ففقدت الكثير من وزني .. واحاطت بعيني هالات سوداء داكنه .. وشحب لوني بشكل كبير ..
كل ماكنت افعله هو التحديق في سقف الغرفة بصمت .. مسترجعا كل ذكرياتي معها .. بقيت استرجع هذه الذكريات اياما وايام .. وكأنني اريد تعذيب نفسي بتذكرها .. كنت اقرأ المذكرات خشية ان اكون قد نسيت تفصيلا صغيرا من تفاصيل الأحداث التي جرت بيننا .. حتى انني اصبحت احفظ هذه المذكرات عن ظهر قلب ..
كنت اتخيلها امامي .. تحدثني .. تضحك لي .. كما كانت تفعل في السابق .. فتزداد دموعي انهمارا حين ادرك بأنها ليست هنا .. حين ادرك بأنها مجرد سراب .. كدت افقد عقلي من اثر الحزن والهلوسات التي اصابتني .. فقلق علي اهلي كثيرا .. وحاولوا إخراجي من هذه الحلقة المفرغة التي ادخلت نفسي بها.. ورغم انني كنت اسمعهم واراهم امامي .... إلا انني كنت شبه فاقد للوعي .. لا اشعر بوجودهم حولي ..
اخذني والدي إلى مكة لأداء العمرة .. وهناك تحسنت بي الحال قليلا .. وعدت إلى الدوحة بنفس صافيه .. مستسلمه لمشيئة الله وقدره .. وبدأت استمع لنصائح اهلي .. وافكر مجددا بمستقبلي الذي يجب أن لا يضيع كما ضاعت حور مني ..
عودتي إلى هناك ورؤيتها باتت مستحيله .. فلم اعد ارغب ان يلتقي طريقي بطريقها مجددا .. ولذلك بعثت برسالة إلى الكلية طالبا نقلي إلى أحد الفروع الأخرى خارج المدينه .. وما ان جاءتني الموافقة على النقل حتى بدأت ابحث عن شقة مناسبة لي .. عن طريق زوج اختي الذي كان متواجدا هناك ..
رتب لي زوج اختي امر الانتقال إلى الشقة الجديده .. ودفع كل المستحقات على شقتي الحاليه .. بشرط ان تبقى امتعتي فيها إلى أن آتي لأنقلها بنفسي قبل بداية العام الدراسي الجديد ..
شعرت بالقلق لأنني سأضطر للعودة إلى هناك مجددا .. وإن كان لبضع ساعات فقط .. فلم اكن اريد ان امر بأي مكان جمعني بها في يوم من الأيام .. كان مجرد المرور بشارع مشينا فيه سويا يجلب لي الألم والعذاب .. إلا انني لم اترك هذا القلق يسيطر علي .. فلا بد ان اتجلد واتحلى بالقوه لأتمكن من تخطي الأزمة التي امر بها .. ومهما كان حزني وانكساري كبيرين .. لن اسمح لها برؤيتي مهزوما او كسيرا ..
وها انا الآن اجلس على مقعدي في الطائره متجها إلى هناك .. لألملم ما تبقى لي وارحل دون رجعه .. إن الوقت يمر بطيئا حين يكون المرء قلقا او مترقبا لأمر ما .. وانا الآن اشعر ببطء مرور الوقت بشكل لم اشعر به في السابق مطلقا .. ولا حتى حين كنت اشتاق إلى حور ..
ادرت جهاز الراديو في الخاص بي .. واخذت اقلب في المحطات لأبحث عن اغنية تناسب المزاج الكئيب الذي امر فيه .. وبسرعة وجدت ضالتي .. اغنيه لطالما احببتها .. إلا انني لم اشعر بصدق كلماتها إلا في هذه اللحظه ..
ماذا اقول .. لأدمع سفحتها اشواقي إليكِ ..
ماذا اقول .. لأضلعٍ مزقتها خوفا عليكِ ..
ءأقول خانت ؟! ءأقول هانت ؟
ءأقولها ؟ لو قلتها اشفي غليلي ..
ياويلتي لا .. لا لن اقولها .. لا تقولي ..
،،،،،
لا تخجلي .. لا تفزعي مني فلست بثائرٍ ..
انقذتني من زيف احلامي وغدر مشاعري ..
ورأيت أنك كنتِ لي قيدا حرصت العمر الا اكسره .. فكسرته ..
ورأيت انك كنت لي ذنبا سألت الله ان لا يغفره .. فغفرته ..
،،،،،،
كوني كما تبغين لكن لن تكوني ..
فأنا صنعتك من هواي ومن جنوني ..
ولقد برأت من الهوى ومن الجنون ..
ولقد برأت من الهوى ومن الجنون ..
أخذت اردد المقطع الأخير من الأغنية مرات ومرات .. وشعرت بانفجار بداخلي .. شعرت بأنني بركان ثائر انبثقت حممه إلى السطح فجأه .. وكأن هذا البركان كان يهدد بالانفجار بين لحظة واخرى .. وكأن ركوده كان لفترة قصيره فقط .. فتجمعت الدموع في عيني .. إلا انني حبستها ولم اسمح لها بأن تتغلب علي هذه المرة .. فلم يعد للدموع مكان في حياتي بعد اليوم .. يجب ان ابدأ حياة جديدة ومرحلة جديده لا شيء فيها سوى الجد والاجتهاد فقط ..
****
وصلت اخيرا واتجهت في طريقي لشقتي القديمة .. مارا بكل الشوارع التي الفتها واعتدت عليها .. فنظرت إليها متأملا .. مودعا .. لأنها ستكون اخر مرة اراها فيها ..
بدأت الملم اشيائي .. وارتبها في الحقائب .. فوجدت بطاقة اهدتني إياها حور في عيد ميلادي الماضي .. فقرأتها .. وتذكرت وعودها .. تذكرت بأنها وعدتني يوما بأنها لن تتخلى عني مهما حدث بيننا .. فابتسمت هازءا ومزقت البطاقة ورميت بالقصاصات من نافذة غرفتي .. واخذت اراقبها وهي تطير في الهواء وتتبعثر ثم تختفي ..
وهاقد حانت لحظة الوداع والرحيل .. فالوداع ياشقتي .. الوداع ياكليتي .. الوداع يا .. حور .. لم يعد لكم مكان في حياتي ..
*****
إن سألتني يا مفكرتي عن شعوري نحو حور في هذه اللحظه .. لأخبرتك بأن كل الحب الذي كنت اكنه لها يوما قد تحول إلى كره وحقد شديدين .. إلى درجة انني اتمنى لو كان بإمكاني إيذاؤها كما آذتني .. اتمنى لو كنت استطيع ان انتقم لما فعلته بي .. اتمنى لو اجعلها تندم وتزحف على ركبتيها طالبة مني العفو والسماح .. ولكن لتعلمي يا مفكرتي بأنني إن قلت ذلك فإنما انا اغالط نفسي . لأنه لازال هناك جزء صغير في داخلي يردد لي بصوت ضعيف .. بأنني لازلت احبها .. واتمنى لها السعادة والتوفيق ..
أحاول إسكات هذا الصوت الضعيف .. ولكنه يزداد قوة ووضوحا شيئا فشيئا .. حتى ماعدت قادرا على مقاومته ..فاستسلمت له واعترفت بأنني فعلا .. لا اتمنى لها إلا الخير أينما ذهبت .. ومهما كان حجم الألم الذي الحقته بي .. لأنني فعلا أحببتها من كل قلبي .. ومن عرف الحب يوما .. لا يمكنه ان يكره من احب مهما سبب له من أذى ..
الذكرى الثامنة عشر
ها قد بدأ العام الجامعي وانتظمت في الدراسة من جديد .. فشغلت وقتي كله بالمذاكره .. لأنني لم اكن اريد التفكير في اي شيء يجلب لي الحزن والضيق .. كما انني لم اكن مستعدا بعد للخوض في حياة إجتماعيه منفتحه .. ففضلت العزله .. ولم اتعرف إلى أي من الطلبة الدارسين معي في الكليه ..
هدوئي وانعزالي اصبح محط الأنظار .. فوجد الشباب في الكلية ذلك شيئا مغيظا .. واعتبروه تكبرا وغرورا مني .. بينما وجدت الشابات في الكلية ذلك امرا مثيرا وغامضا .. وجاذبا في نفس الوقت .. وبذلك أثرت فضول الكثير من حولي .. دون ان اتعمد ذلك .. ودون ادنى رغبة مني فيه .. فكل ما كنت اريده هو ان ابقى وحيدا .. بعيدا عن كل ماقد يجلب لي الألم من جديد ..
هل يشعر كل من فقد شخصا أحبه بمثل ما اشعر به الآن ؟! فراغ ووحده قاتلين ،، بؤس و ضياع لا مثيل لهما ؟؟ أم انني انا الوحيد الذي يشعر بذلك ؟!
اشعر بأن هناك ما ينقصني .. أنني لم اعد انا .. لقد اعتدت على ان يكون هناك شخص يحبني .. شخص يهتم بي .. يستمع إلي .. يشاركني افراحي وآلامي .. شخص اشتاق انا إليه .. اقلق عليه .. احبه من اعماق قلبي .. آه كم افتقد الشعور بالحب وبالاهتمام .. آه كم افتقدك يا حور .. ترى .. ماذا تفعلين الآن ؟! اتفكرين بي كما افكر بك ؟ ام انك نسيت كل شيء عني وانشغلت بخطيبك وبمشاريع الزواج ؟!
ترى كيف السبيل للقضاء على هذا الشوق .. على هذا القلق .. على هذه الوحدة والفراغ ؟ ايكون الحل في حبٍ جديد ؟! لا .. لا .. لست مستعدا لجرح آخر .. يكفي ما اصابني من جروح لم تندمل بعد .. ربما الحل يكمن في الصبر والنسيان .. في الانغماس اكثر وأكثر في المذاكره ..
ولكن .. إنغماسي في المذاكرة لم يجلب لي الراحة التي انشدها .. فها قد مر شهران منذ بدأت الدراسه .. ولا ازال على نفس الحال من البؤس والشقاء .. اشعر بأن روحي تائهه .. ضائعه .. فقدت القدره على الاستكانة والاستقرار .. ترى .. أين يكمن الحل لهذا التوهان والضياع ؟!
******
وصلتني رسالة منذ قليل .. فأصابتني بالإرتباك .. والخوف .. والصدمة .. فلا أزال حتى هذه اللحظة احدق في الرسالة غير مصدق لما ارى .. كيف اجيب على هذه الرسالة .. هل اجيب عليها .. ام اتركها وكأني لم اقرأها ابدا ؟!
لقد كانت الرسالة من حور .. تقول فيها :
سيف .. ارجو ان تسامحني على مافعلت بك .. فلم اقصد الإساءة إليك او إيذاءك .. لقد تصرفت بطيش وتهور .. وانا الآن في اشد حالات الندم والحسرة .. إنني أحبك .. وسأظل احبك للأبد .. فإن كنت لا تزال تحبني .. ارجوك .. عد إلي وانسى كل ما حدث .. ولنعد كما كنا في السابق ..
إن كنت تسامحني ... فسأترك كل شيء من أجلك .. سيف ،، إن عرسي غدا .. ارجوك .. قل بأنك لا زلت تريدني .. وانا مستعدة لإلغاء كل شيء والمجيء إليك زاحفة ..
محبتك للأبد ،، حور ..
هكذا !! بهذه البساطة ؟! اتظن بأنني سأعود إليها وكأن شيئا لم يحدث ؟! اتظن بأن الناس لعبة في أيديها تحركها كما تشاء !!! إلى متى ستظل بهذه الأنانية ؟! ألم تفكر في ردة فعل خطيبها وكيف سيتصرف إن هي ألغت العرس في اللحظة الأخيره !!! ألم تفكر في الفضيحة التي ستسببها لأهلها !! يا إلهي .. كيف تفكر هذه الفتاة يا ترى !!!!
انتابني شعور بالغثيان حين فكرت فيم قد تفعل حور استجابة لنزواتها .. فكرت للحظة بالموافقة والرضوخ لهذه النزوه .. ولكنني عدت وحزمت أمري .. لا للعودة من جديد للألم والعذاب .. إنتهى كل مابيننا حين وافقت على الارتباط بغيري .. ولست من يسرق خطيبة الغير ..
لن اوافق على هذه النزوة .. لن اسمح لها باللعب بي وبخطيبها في آن واحد .. سأرد عليها ردا قاسيا .. لأنني اعرفها جيدا .. واعرف بأن ردي القاسي كفيل بأن يجعلها تتم الزواج وتسير فيه حتى النهاية ..
طبعت ردي عليها بأصابع مرتجفه .. وضغطت على زر الإرسال بسرعة قبل ان اتراجع واغير رأيي .. فكتبت لها :
ياللي خذلتي مدمعي .. إن كان ودك ترجعي ..
عندي طلب لا ترجعي ..
ياللي خذلتي مدمعي .. إن كان ودك ترجعي ..
شرطي صعب ..
لو تجمعين آهات قلبي اللي انجرح ..
وتنسي السعاده والفرح ..
تتعذبي .. وبعد العذاب تتعذرين ..
وإن مارضيت .. او ماخذيت ..
منك الغدر ومالك جدى .. كود الصبر ..
جاءني رد حور على الفور .. ولم يكن ردها مفاجئا لي .. فابتسمت باستهزاء متألم .. ومسحت الرساله التي قالت فيها ..
كنت اظنك تحبني .. ولكنك لا تعرف معنى الحب .. لقد بعتني مرة .. فكيف افترض بأنك لن تبيعني ثانية .. لقد اخطأت حين رضخت لقلبي وسامحتك لما فعلت بي .. لقد اخطأت حين اردت العودة إليك .. فأنت لا تستحق ان احبك .. سأتزوج غدا .. وسأجعلك تندم لبقية حياتك لأنك فرطت بي وبحبي ..
شعرت بالألم حين قرأت كلماتها القاسية .. لكنني لم اكرهها .. ولم ألُمها لهذه الكلمات .. فهي غاضبة .. والغاضب قد يقول اكثر من ذلك .. ودعوت لها بالسعادة والاستقرار .. فقد انتهى كل شيء .. ولم يعد امامي سوى ان اتمنى الخير لها ..
زواجها سيتم غدا .. يا إلهي ما اكبر الألم الذي اشعر به .. لقد كانت الفرصة سانحة امامي لاستعادتها .. ولكنني لم افعل .. ترى .. هل انا غبي لأنني لم افعل ؟! ام انني فعلت الصواب !! لا ادري .. سأترك الحكم للأيام .. وسأرى ماتخبؤه لي من آلام ..
الذكرى التاسعة عشر
( وداوها بالتي كانت هي الداء ).. كثيرا ما يتردد صدى هذه الكلمات التي قالها لي عمر ، في أذني في الأيام الأخيره .. وخاصة بعد ان مر اسبوع على زواج حور .. فحين اتصل بي عمر في يوم زفافها .. مواسيا .. (بعد ان طلبت منه زوجته هلا الاتصال بي والاطمئنان على صحتي) .. نصحني بأن افضل وسيلة لنسيان حور .. هي ان ابدأ حياتي من جديد وأبحث عمن تستحق حبي .. وإخلاصي ..
وفي حقيقة الأمر .. أجد ان نصيحة عمر تناسبني في الوقت الراهن .. لأنني اشعر بحاجة ملحة إلى قلب حنون .. يتفهمني ويحنو علي .. ينتشلني من الضياع الذي اشعر به .. يشاركني همومي وأحزاني .. يعيد إلي الابتسامة التي افتقدتها منذ مدة .. ربما قد آن اوان المحاولة مرة أخرى .. والسماح للأمل بالتسرب إلى قلبي الذي كنت قد اقفلته ..
ترى يا مفكرتي .. هل سأجد الحب من جديد ؟! هل سأجد قلبا صادقا يحبني .. هل هناك من تستحق فعلا ان اهديها قلبي ،،، ام ان الحب هو مجرد وهم وسراب !!!
*****
يبدو يا مفكرتي بأنني قد وجدت ضالتي أخيرا .. فمنذ اليوم الذي أخبرني فيه عمر بأن زواج حور قد تم فعلا ،وأنا ابحث عن فتاة .. أي فتاه .. لم اكن اشترط شكلا معينا .. او جنسية معينه .. او حتى مستوى محدد من الجمال ... فلم اكن اكترث كثيرا لذلك .. ربما لأنني كنت كالغريق الذي يرغب بالتشبث بأي قطعة خشب طافية على سطح الماء لينجو من الغرق .. او ربما لأنني كنت مستعدا بالقبول بأي فتاة تبدي ميلا نحوي .. او تعاطفا من نوع ما ..
حسنا .. لم يطل بحثي كثيرا .. فلم يمر سوى اسبوعان منذ زواج حور .. وها انا قد اتخذت قراري .. واخترت الفتاة التي اريد .. لقد لفتت الفتاة انتباهي فعليا في اليوم التالي لزواج حور .. ليس لأنها أعجبتني .. لا .. فأنا لم اكن اكترث بأي فتاه مهما بلغت من الجمال .. ولكن .. لنقل بأنها هي التي اختارتني .. وليس العكس .. فأنا لم اكن انوي حينها التقرب إليها .. ولم تخطر ببالي مطلقا ... إلا بعد مكالمة عمر .. وبعد تفكير عميق فيما نصحني به ..
والآن .. سأخبرك كل شيء عن تلك الفتاة .. وكيف رأيتها .. ولم وقع اختياري عليها دون سواها .. ولكن قبل ان اخبرك عنها يجب ان اشرح لك الموضوع منذ البداية بكل ظروفه وملابساته ..
منذ ان التحقت بالكلية هنا في هذه المدينه .. وانا اذهب إلى المكتبة باستمرار .. وأقضي اوقاتا منتظمه هناك .. في البحث والمطالعه وتدوين الملاحظات .. كنت اذهب يوميا في الساعة الواحدة ظهرا .. وأخرج في الرابعة مساءا متجها إلى قاعة المحاضرات .. (لأن محاضرات الماجستير عادة تكون في الفترة المسائيه) .. ولكن .. هذا لا يهم .. المهم هو انني حين اقرأ كتابا او ادون ملاحظة ما .. فأنا افقد الشعور بكل ما يحيط بي .. فلا اعود احس بالأشخاص المتواجدين حولي في المكتبه ... ولا احس حتى بمرور الوقت .. ولولا منبه هاتفي الجوال الذي اضبطه على الساعة الرابعه باستمرار ... لما كنت سأنتبه إلى موعد مغادرتي المكتبة أبدا ..
وهكذا .. بقيت مبرمجا وقتي على هذا الأساس طوال الفترة السابقه .. فلا شيء اقوم به سوى المكتبة والمحاضرات ..
انغماسي في القراءة لم يعطني مجالا لملاحظة الفتاه .. التي يبدو انها تأتي يوميا إلى المكتبة .. مثلي تماما .. وفي نفس الوقت الذي أحضر فيه .. لتنصرف كذلك في نفس الوقت الذي انصرف فيه ..
لا اعرف ماهو اسم الفتاه .. ولذلك سأطلق عليها لقبا هنا حين اتحدث عنها .. سأسميها .. عاشقة الأحمر .. نعم .. فهذا هو انسب اسم يمكن ان اطلقه عليها .. وخاصة أن اللون الأحمر هو اكثر ما لفت انتباهي إليها .. فأول مرة رأيتها فيها .. كانت ترتدي فستانا أحمر ..
لا بأس .. اعرف بأن ارتداء فتاه لفستان احمر لا يعني بالضرورة بأنها تعشق اللون الأحمر .. ولكنني أظن بأنها فعلا تعشق اللون الأحمر .. ليس فقط بسبب الفستان .. فأنا اراها منذ نحو اسبوعين .. واعتقد بأنها لبست ملابس حمراء تقريبا في كل المرات التي كنت اراها فيها .. ( احمر واسود .. احمر وابيض .. احمر واحمر واحمر .. ) كل ملابسها يجب ان يطغى عليها اللون الأحمر .. وليس هذا فقط .. بل انها تحمل دوما حقيبة حمراء .. تضع بداخلها دفترا احمر .. قلما احمر .. ومحفظة حمراء ...
أفلا تعتقدين إذن بأن لقب عاشقة الأحمر مناسب لها .. اظن بأنك اصبحت توافقينني الرأي الآن .. وتعذرينني لهذه التسميه ..
والآن .. إليك كيف لفتت انتباهي عاشقة الأحمر إليها أول مره .. كان ذلك في اليوم الذي يلي زفاف حور كما اخبرتك .. كنت مشتتا .. واشعر بالبؤس والضياع .. ولكنني اتجهت إلى المكتبه كعادتي كل يوم .. فدخلت وتوجهت مباشرة إلى رفوف الكتب للبحث عن احد المراجع التي أريد الاطلاع عليها وأخذ بعض المعلومات المهمة منها .. وحين وجدت المرجع الذي اريد .. مددت يدي لالتقاطه .. إلا انني فوجئت بيد اخرى تمتد وتسبقني إليه .. فتلامست أيدينا .. فتلعثمت وشعرت بالحرج فاعتذرت للفتاة التي انقضت على المرجع الذي أريد .. ولكنني في نفس الوقت كنت حانقا لأنها أخذت مني المرجع الذي جئت من أجله ..
نظرت إلي مبتسمة .. وقالت : لا بأس .. انا اسفه .. فقد خشيت ان تسبقني إلى الكتاب وقد كنت ابحث عنه منذ مدة .. فازداد حنقي عليها .. لأنها كانت تعرف بأنني كنت انوي أخذه .. إلا أنها سلبته مني بوقاحه .. ولكنني حافظت على هدوئي .. وابتسمت لها ابتسامة صفراء .. قائلا لها .. بأنني لا امانع .. فقد سبقتني إليه .. ولذلك فهو من نصيبها ..
أدرت ظهري إليها .. واتجهت إلى رف آخر للبحث عن مراجع أخرى .. بما أنني لم اتمكن من الحصول على اهم مرجع لهذا اليوم .. وكدست مجموعة كبيرة من المراجع امامي .. وبدأت ادون الملاحظات من هذه المراجع .. ولكن .. لم يكن تركيزي كبيرا هذا اليوم .. ربما ببساطة لأنني كنت متألما مما كان قد حدث في اليوم السابق ..
فكنت اسرح بين الفينة والأخرى .. وأقلب انظاري في المتواجدين في المكتبه .. وفجأة لمحت عاشقة الأحمر على إحدى الطاولات المقابلة لطاولتي مباشرة .. لم تكن تقرأ في الكتاب .. بل كانت تختلس النظرات إلي .. فاستغربت الأمر .. إلا انني لم اعره أي اهتمام .. فربما الموقف الذي حصل بيننا هو ماجعلها تنظر إلي ..
إلا أنني .. وفي الأيام القليلة التالية .. بدأت انتبه لوجودها اليومي في المكتبه .. وألاحظ انها تدخل في نفس الوقت الذي أدخل فيه .. وتخرج حالما الملم انا اشيائي للخروج .. كانت دوما تختار طاولة مقابلة لطاولتي .. مهما غيرت مكان جلوسي .. كانت تبتسم لي أحيانا .. فأصد عنها مستغربا جرأتها .. وشاعرا بأنها تتطفل علي وعلى وحدتي وخصوصيتي .. فكنت اسأل نفسي .. ماذا تريد مني هذه الفتاه ؟! لم تحدق إلي بهذا الشكل ؟! الا يكفيها بأنها سرقت مني مرجعي في ذلك اليوم ؟!
الذكرى العشرون :
ها قد عدت إليك مجددا لأخبرك بالمزيد عن عاشقة الأحمر.. وكيف انني اخترتها دونا عن كل الفتيات بالرغم من نفوري منها في أول الأمر ..
لم انفر منها فقط لأنها كانت تحدق بي .. او لأنها كانت تجلس على مقعد مقابل لي وتتطفل علي .. بل لأنني كنت اشعر بأنها شديدة الثقة والاعتداد بنفسها .. والذي كان واضحا جدا من طريقة اختيارها للألوان .. ( أحمر ) .. وكأنها تقول لكل الناس من حولها .. ( انظروا إلي ) .. إنه لون يكاد يفقأ عين كل من يراه ليجبره على النظر والتركيز به .. وهو لون جريء جدا من وجهة نظري .. ويحتاج جرأة كبيره من الشخص الذي يقرر ارتداءه علنا ..
كنت دوما افضل الفتاه الساذجة البريئه .. التي يوحي مظهرها بالضعف والرقه .. على الفتاة الجريئة المحنكة الواثقة من نفسها .. لا ادري لم بالضبط .. ربما لأنني كنت احب التضاد بين قوة الرجل وضعف الأنثى .. فالأنثى لا تكون أنثى إن لم تكن بحاجة إلى رجل قوي يحميها ويدللها .. ربما !!!!
حسنا .. والآن .. إليك كيف بدأت بتقبل الفتاة .. والميل لها .. حين أصبحت اراها كل يوم .. بدأت افقد تركيزي الكبير على ما اقرأ .. ولم اعد ادون الملاحظات بكثره كما كنت افعل في السابق .. فوجودها كان يشتت تركيزي وانتباهي .. ولأكون اكثر صراحة وواقعيه .. كان غرور الرجل في داخلي ينتشي فرحا حين اجدها تنظر إلي .. باهتمام وتركيز .. بالرغم من انني ظاهريا كنت ابدي الضيق والتململ ..
وفجأة .. منذ نحو اربعة ايام .. اختفت الفتاة عن الأنظار .. فلم تعد تأتي إلى المكتبه .. كان ذلك بمثابة ضربة قاسية لي .. ولغروري .. فاكتشفت بأنني فعلا اهتم لأمرها .. واشعر بالسعادة حين أدخل إلى المكتبة فتدخل خلفي مباشره .. وحين أنهض مغادرا فتنهض هي الأخرى ...
باكتشافي هذا .. أدركت أخيرا بأنني لا انفر منها حقيقة .. قد لا تكون من الصنف الذي افضله .. ولكن لها جاذبيتها وشخصيتها الخاصه على كل حال .. ثم .. كيف لي ان احكم عليها وانا لا اعرفها بعد ؟!
أدركت أيضا بأنني لست منيعا ضد الفتيات كما كنت اظن .. وأنني لم افقد القدرة على فتح ابواب قلبي من جديد بعد فقدي لحور .. فها هو قلبي قد بدأ يخفق مجددا .. ببطء .. نعم .. وبتردد .. ولكنه على الأقل لا يزال يخفق .. ولم يتوقف نبضه للأبد ..
******
لم تحضر الفتاة إلى المكتبة إلاّ اليوم .. وحين حضرت .. كدت اطير فرحا بقدومها .. لدرجة أنني لم اتمالك نفسي .. فابتسمت لها مرحبا بعودتها .. فردت إلي ابتسامتي بابتسامة اكبر منها .. وكأنها لم تصدق بأنني ابتسم لها اخيرا .. كنت اريد ان اذهب إليها واحادثها.. ولكنني لم اجرؤ على ذلك .. لأن موقفي سيكون محرجا جدا أمامها .. وخاصة أنني كنت اتظاهر باللامبالة في الفترة السابقة .. فصرفت النظر عن هذه الفكره .. وبقيت اختلس النظر باتجاهها بين الحين والآخر ..
فضولي نحوها .. جعلني أدقق في سجل الحضور والانصراف .. لأن لقب عاشقة الأحمر .. لم يعد يكفيني .. فأنا اريد ان اعطيها اسما حين اتحدث عنها .. فظللت اتتبع اسماء المتواجدين إلى أن لمحت اسمها .. تحت اسمي مباشرة ..
اسمها ريم .. ليس اسما غريبا .. ولكنه جميل رغم ذلك .. إذن .. فساكنة قلبي الجديدة تدعى ريم .. ارتحت حين عرفت اسمها .. وذهبت بعدها إلى محاضرتي وأنا مطمئن البال ..
******
اليوم كاد ان يتوقف قلبي عن الخفقان .. لجرأة ريم .. يا إلهي لم ار في حياتي فتاة بجرأتها وثقتها بنفسها .. إنها تشعرني بالضعف والعجز أمامها .. وياله من شعور صعب على أي رجل احتماله !!!!
كنت جالسا كالعادة في المكتبه .. سعيدا بوجودها هناك .. مبتسما لها بين الحين والآخر.. ثم فجأة .. نهضت ريم من مقعدها متجهة إلى حيث أجلس .. فصعقت .. وبدأ قلبي يخفق كالرعد .. إنها متجهة نحوي؟ ماذا تفعل ؟! أحقا تنوي التحدث إلي؟ لا .. مستحيل .. لا بد انها متجهة إلى رف الكتب خلفي .. ( اخذت اردد ذلك محاولا طمأنة نفسي وتهدأة وتيرة خفقات قلبي المتسارعه ) ولكنها لسوء حظي .. لم تكن تقصد رف الكتب .. بل كانت تقصدني أنا .. وانا بالتحديد ..
طأطأت رأسي حين رأيتها قادمة.. متظاهرا بعدم رؤيتها .. او عدم الانتباه إلى وجهتها .. إلا أنها حين وصلت إلى الطاولة التي أجلس إليها .. ظلت واقفه .. تطل علي من الأعلى .. منتظرة مني أن ارفع رأسي .. دون ان تنطق بحرف واحد .. إلى ان اضطررت لرفع رأسي أخيرا معترفا بإدراكي لوجودها .. فابتسمت لي .. وقالت لي مرحبا .. فلم اعرف بم اجيبها من هول الصدمة .. فتلعثمتُ .. وظهر علي الارتباك .. وفقدت القدرة على النطق لبضع ثوان .. فضحكت ومدت كفها إلي .. قائلة بأن اسمها ريم .. وانها طالبة في الكلية وتدرس التمويل .. لم أعرف حينها .. ءأمد كفي إليها .. ام اترك كفها معلق في الهواء بانتظار مصافحتي لها ..
إلا أنني اتخذت قراري سريعا .. فمددت كفي بتردد .. قائلا بأن اسمي سيف .. وانني ادرس الماجستير في التمويل والبنوك ..
بعد التحايا والتعارف المبدأي .. اضطررت إلى دعوتها للجلوس .. فرحبت بالدعوة وجرت الكرسي المقابل لي .. وجلست عليه .. ثم قالت لي مازحه .. ( بصوت خافت .. حيث ان الحديث في المكتبات العامة ممنوع ) بأنها ستلجأ إلي لأساعدها إن استعصى عليها فهم شيء من مواد تخصصها ..
فقلت لها بأنني لا امانع ابدا .. وانني مستعد لمساعدتها في اي شيء تريده وأنني لن اتأخر إن كنت قادرا على المساعده ..
فشكرتني على عرضي .. ثم طلبت مني مغادرة المكتبة إلى اي مكان نستطيع فيه التحدث بحريه .. لأنها تنوي استغلال عرضي لمساعدتها .. وتريدني ان اساعدها في بحث تقوم بإعداده ..
فوجئت بطلبها .. لأنني لم اتوقع ان تأخذ عرضي على محمل الجد .. إلا أنني كنت قد حشرت نفسي في مأزق.. يبدو انني لن استطيع التخلص منه بسهوله .. فلملمت أغراضي .. ونهضت متجها إلى باب الخروج .. بعد ان سمحت لها بالمرور أمامي ..
إتجهنا إلى مقهى قريب جدا من المكتبه .. يرتاده زوار المكتبه الذين يقضون وقتا طويلا فيها .. فطلبنا كوبان من القهوة .. ثم جلسنا على إحدى الطاولات .. نحتسي القهوة بصمت ..
لم تقل ريم شيئا في أول الأمر .. وبقيت أنا صامتا كذلك بانتظار أن تبدأ بالسؤال عما تريد .. مرت الدقائق ببطء .. وسط الصمت والسكون المخيمان علينا .. ثم .. تكلمت ريم أخيرا .. وشرحت لي اساسيات بحثها الذي تقوم بإعداده .. ثم سألتني بضع اسئلة عن اشياء لم تتمكن من فهمها حين قرأتها في المراجع .. فشرحت لها ما استعصى عليها .. واندمجت في الشرح .. إلى درجة أنني لم اشعر بمرور الوقت .. وخاصة أن الاطمئنان والراحة قد بدءآ يتسربان إلى نفسي شيئا فشيئا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 11:03 pm

الذكرى الحادية والعشرون :
حين عدت بالأمس إلى الشقه .. اخذت استرجع ما جرى بيني وبين ريم .. وضحكت حين تذكرت الارتباك والتلعثم اللذان اصاباني حين فاجأتني بإلقائها التحية علي .. لقد كانت جرأة كبيرة منها .. ولكنها اعجبتني على أي حال .. فلم اكن لأبادر انا بالحديث إليها .. ليس بهذه السرعه .. فأنا بالكاد بدأت ألملم شتات نفسي بعد حور .. وماكنت سأقدم بهذه السهولة على الخوض في التعرف إلى فتاة جديدة .. رغم انني كنت قد بدأت اشعر بوجودها والميل لها ..
حين انتهيت بالأمس من الشرح لريم ماسألتني عنه .. اتفقنا على اللقاء اليوم في المكتبة .. ولكنني .. لا ادري إن كانت تقصد بأنها فعليا ستراني في المكتبة .. ام انها ستعود للجلوس بمفردها على إحدى الطاولات البعيده .. لم أجرؤ على سؤالها عن قصدها بالضبط .. وتركت الفضول يتآكلني إلى هذه اللحظة لأعرف ما هي خطوة ريم التالية ..
******
يبدو ان ريم كانت جادة حين وعدتني باللقاء ثانية في المكتبه .. فقد بدأنا نلتقي بشكل منتظم .. يوميا .. اولا في المكتبة ثم نخرج إلى اي مكان اخر .. أحيانا إلى مطعم .. واحيانا إلى مقهى .. واحيانا إلى السينما .. واصبحت علاقتنا قوية جدا .. إلى الحد الذي جعلني أسألها دون حرج .. عن سر ارتدائها للون الأحمر باستمرار .. فأجابتني قائلة بأن اللون الأحمر يجعلها تظهر بمظهر قوي وجريء.. أمام الجميع .. وأنها تحب هذا الإيحاء .. لأنها تتمنى لو كانت قوية بالفعل ..
لم افهم ماقصدته ريم بقولها أنها تتمنى لو كانت قوية بالفعل .. واستغربت لقولها هذا .. ولكنني لم اعلق عليه .. وتناسيت الموضوع تماما .. بحيث اصبح ارتداء ريم للون الأحمر دائما .. من أكثر الأشياء طبيعية بالنسبة إلي ..
بدأت اخرج إلى الدنيا أكثر .. وأختلط بالناس بشكل كبير .. وقد عرفتني ريم بكل اصدقائها وزملائها ... فأصبح لي اصدقاء من جديد .. وأصبحت احب الخروج برفقتهم ..
وبفضل ريم .. عدت مجددا للحياة .. وعادت لي ثقتي بنفسي التي فقدتها بعد حور شيئا فشيئا .. وبالطبع كنت قد اخبرت ريم بكل شيء عن حور .. وعن حالتي بعدها .. فوعدتني ريم بأن تساعدني وتقف إلى جانبي إلى ان اتمكن من نسيانها ونسيان كل الآلام التي سببتها لي ..
كنت اشعر بالامتنان نحو ريم .. لأنها ساعدتني بالفعل على تخطي الأزمة التي كنت امر بها .. ولكن .. كان حبي لحور لا يزال مسيطرا على مشاعري .. فظل حاجزا بيني وبين ريم .. لا أنكر بأنني حاولت نسيان حور .. وحاولت اكثر ان احب ريم .. ولكنني لم اتمكن من ذلك ..
كنت اعرف بأن ريم تحبني .. وكنت اخشى اللحظة التي ستبوح فيها بمشاعرها .. ترى بم سأرد عليها ؟ هل اقول لها بأنني احبها ؟ هل اقولها فقط كي لا اجرح مشاعرها و كي لا اخسرها ؟! إن قلتها فلن اكون صادقا .. لن اكون صادقا حتى مع نفسي .. فأنا واثق ومتأكد بأنني لا احبها فعلا ..
بدأ الشعور بتأنيب الضمير ينتابني .. وكان صوت صغير يتردد صداه في رأسي باستمرار قائلا لي .. ( انت مخادع .. مخادع ) .. فبدأت اشعر بالضيق .. وبالقلق .. مما اثر كثيرا على تعاملي مع ريم ..
نعم .. شعوري بالذنب وبالتقصير في حقها .. جعلني اختلق اعذارا .. اي أعذار .. للشجار معها .. وخلق المشاكل .. لتخاصمني .. وتبتعد عني .. وقد كنت انجح في ذلك لفترة.. أشعر خلالها بأنني قد أزحت حملا ثقيلا عن كاهلي .. لتعود ريم مجددا إليّ مسامحةً .. متناسيةً كل الأخطاء التي كنت اقترفها بحقها ..
كنت استغرب من عطاء هذه الإنسانة .. ومن إخلاصها في حبها .. فبالرغم من علمها بأنني لا أحبها .. وبالرغم من جرحي المستمر لمشاعرها .. فهي لا تزال صابرة .. محتملة كل الأذى مني ..
هل هذا هو الحب ؟! هل يهدر الحب كرامة المرء وكبرياءه ؟ بالأمس كنت استغرب ثقة ريم واعتدادها بنفسها .. كنت استغرب صراحتها وصلابتها .. كنت اجدها جافة نوعا ما .. ولكنني اكتشفت بأنني كنت مخطئا .. فحبها اكثر قوة وثبات من حب حور .. حبها اعاد إلي ماكنت افتقده .. اعطاني الشعور بالأمان الذي كنت احتاج إليه ..
ولكنني كنت خائفا .. خائفا من شبح حور الذي لا زال يطاردني .. فرفضتها .. ورفضت حبها ... اخبرتها بذلك .. اخبرتها بأنني لا اقدر ان احبها .. اخبرتها بأنني احب حور بحيث لم اعد قادرا على رؤية سواها .. اخبرتها بأنني لست مستعدا بعد للارتباط بها .. لأنني لست واثقا من قدرتي على حبها او حب اي امرأة أخرى ..
طلبت من ريم ان تمهلني بعض الوقت .. طلبت منها ان تعطيني الفرصة لأبتعد عنها .. وأعرف إن كنت قادرا على الحب من جديد .. طلبت منها ان نعود أصدقاء كما كنا في بداية تعارفنا .. لأنني أنوي اكتشاف مشاعري بعيدا عنها ..
حين انفجرت بريم .. قائلا لها كل ما اشعر به دفعة واحده ودون مقدمات .. ذهلت ريم .. ولم تتمكن من النطق .. إلا أنها تمالكت نفسها .. وأجابتني بصوت متحشرج .. بأنها موافقة .. موافقة على أن نعود أصدقاء كما كنا .. بشرط أن امهلها بعض الوقت ..
لم افهم ماكانت تقصد حين طلبت مني إمهالها بعض الوقت .. إلا انني فهمت ذلك .. حين اكتشفت بأنها غادرت المدينة .. عائدة إلى الدوحة .. تاركة كل شيء وراءها .. عرفت ذلك من اعز صديقاتها .. التي اخبرتني بأن ريم قامت بحذف الفصل الدراسي بأكمله .. لأنها لم تطق البقاء هنا بسببي .. وأخبرتني أنها لا تعرف إن كانت ريم ستعود مجددا أم لا .. اخبرتني بذلك بكل حقد وغضب .. واتهمتني بأنني كنت سببا في تحطيم صديقتها التي لم يسبق لها ان رأتها بهذا الضعف ..
كنت في حالة ذهول ... وصدمة .. اردت إصلاح ما افسدته .. اردت ان اطلب منها ان تسامحني .. ولكنني كنت اعرف بأنني إن فعلت فلن ازيد الأمور إلا سوءا .. لأنها ستعرف حينها بأنني ماعدت إليها إلا شفقه ..
قررت ان انتظر .. واترك الأيام تداوي جرح ريم من ناحيتي .. فالأيام وحدها كفيلة بمداواة أصعب الجروح .. ولكنني وعدت نفسي بأن لا انساها ما حييت .. وان ارد لها المعروف الذي صنعته بي .. يوما ما ..
ترى .. هل ستتمكن ريم فعلا من مسامحتي على ما فعلت .. هل ستعود إلى هنا مجددا ؟ هل سأراها واتمكن من الاعتذار لها ؟! ام انني لن اجرؤ على مواجهته؟!
الذكرى الثانية والعشرون :
مر الفصل الدراسي بأكمله .. دون أي أثر لريم .. ولا أي كلمة منها تشعرني بالراحه .. فظل شعوري بالذنب نحوها يغمرني .. ويجعلني أخجل من نفسي .. ومن كل ما فعلت بها ..
بعد ان تركتني ريم .. عاد إلي الشعور بالوحدة .. بالقلق .. وعاد الشوق إلى حور يعصف بي من جديد .. فكرهتها .. لأنها كانت السبب في كل ما فعلت بريم .. كرهتها لأنني لم اتمكن من التغلب على مشاعري نحوها .. ولأنني لازلت اعاني من الضياع ..
وددت في تلك اللحظات لو انزع قلبي من مكانه .. لأتغلب على ضعفه .. وددت لو أنني استطيع استبداله بقلب آخر .. أكثر صلابه وقسوه .. لم لا يستطيع الانسان أن يحب بإرادته .. لم لا يستطيع أن يأمر قلبه بحب هذا وكره ذاك .. لماذا يجبرنا القلب دوما على حب من لا يستحق ؟! ظلت هذه الأسئلة تتردد في عقلي .. مرات ومرات ..
رفضت الاستسلام والرضوخ لمشاعري .. رفضت أن اعتزل العالم من جديد واعيش وحيدا مخذولا حزينا .. وصممت على ملأ الفراغ الذي تركته حور في حياتي .. ولا بد أنني سأنجح يوما ما ..
ولكنني لن احاول في الوقت الراهن أن اتقرب إلى أي فتاه .. فيبدو أنني لست مستعدا لخوض مثل هذه التجربه بعد .. سأحاول أن اختلط أكثر بالأصدقاء .. فأحيط نفسي بأكبر عدد ممكن منهم .. ليشغلوني عن التفكير بالحب والمشاعر ..
*****
عدت في الإجازة الصيفية إلى الدوحة .. وقضيتها مع والدي وأخواتي .. ولم اعطهم مجالا للشك بأنني لازلت أتألم من الداخل .. فكنت دائما أتظاهر بالمرح والسرور .. فاطمأن أهلي علي .. وشعروا بأنني عدت كما كنت قبل أن اعرف حور ..
وبعد انتهاء العطله .. عدت إلى الكلية مجددا .. وعدت هذه المره لأبدأ في مشوار رسالة الدكتوراة .. وهي آخر حلم لي أحققه ثم اعود بعده إلى الدوحة راضٍ من الناحية الأكاديميه ..
سررت حين رأيت ريم مجددا في الكليه .. لقد عادت اخيرا لمتابعة الدراسة .. إلا أنني لم أجرؤ على الحديث إليها .. فلم اكن اعرف إن كانت سترد علي إن ذهبت لإلقاء التحية عليها .. أم انها ستتجاهلني .. فتظاهرت بعدم رؤيتها .. وأكملت طريقي دون أن ألتفت إليها .. إلا أنها وللمرة الألف .. اثبتت لي صفاء قلبها ونقاءه .. ومعدنها الأصيل .. فما أن رأتني حتى ابتسمت وجاءت إلي بنفسها لتحييني .. وكأننا ما اختلفنا يوما .. وكأنني لم اسبب لها الجرح والألم في يوم من الأيام ..
عدنا انا وريم صديقين .. كما كنا في بداية علاقتنا ببعضنا البعض .. ولكننا هذه المرة كنا اكثر تحفظا وحذرا .. فوضع كل منا لنفسه خطوطا حمراء لا يتجاوزها .. لنتمكن كلانا من حماية أنفسنا من أي أذى أو ضرر قد نتعرض له ..
اصبحت أثق بريم كثيرا بعد اطمئناني على المسار الجديد الذي اتخذته علاقتنا .. فكنت اخبرها بكل ما اشعر به .. بكل ما يدور بخلدي .. فكانت تشاركني ما اعانيه .. وتقدم لي النصح والمشوره دوما ..
حتى أنني حين قررت التعرف إلى فتاة أخرى .. كانت ريم هي أول من عرف بالأمر .. أخبرتها بأنني أعجبت بفتاة .. وانني أريد التعرف إليها .. شعرت بأن ريم قد صدمت .. ولكنها لم تقل شيئا عن الأمر .. بل سألتني عن الفتاه .. عن اسمها .. وأين رأيتها .. وكل شيء .. فأخبرتها بأن اسمها مريم .. وأنها تشبه حور إلى حد كبير .. إلى الحد الذي جعلني أعتقد بأنها هي في البداية .. إلا أنني حين دققت النظر .. وجدت انها تختلف عنها في أشياء بسيطة .. كلون الشعر مثلا .. فلم يكن شعرها بنفس نعومة وسواد شعر حور ..
سألتني ريم إن كنت قد اتخذت أي خطوة للتعرف بالفتاة .. فأخبرتها بأنني قد فعلت .. فأنا منذ رأيتها .. وأنا اشعر بأنني اعرفها منذ زمن بعيد .. فلم اشعر بأي تردد او خوف .. لم اشعر بأي خجل منها .. بل ذهبت إليها مباشرة .. وأخبرتها بأنني أريد التعرف بها ..
سألتني ريم عن ردة فعل الفتاة .. فأخبرتها بأن الفتاة قد استغربت في البداية من جرأتي .. إلا أنها لم تمانع بشرط أن نكون صديقين .. فسألتني إن كنت مستعدا فعلا لقبول الصداقة والصداقة فقط .. فأجبتها بأن ذلك مستحيل .. وأنني قد وافقت على ذلك فقط لأنني أريد أن اعرفها أكثر .. وأنني سأجعلها تحبني فيما بعد ..
حذرتني ريم من أنني قد لا أنجح فيما أحاول فعله .. وأنني لا أريد الفتاة لذاتها .. وإنما أريدها فقط لشبهها بحور .. إلا أنني تجاهلت تحذيرها .. فقد أعماني تعلقي الشديد بالفتاة عن سماع ما تقول .. فكل ما كان يهمني .. هو أن حور قد عادت إلي مجددا .. بشكل جديد .. إنها تعويض لي على ما عانيته من ألم وعذاب ..
إلا أن ريم كانت على حق .. فقد أعماني شبه مريم الكبير بحور .. إلى درجة أنني انجرفت خلف هذا التشابه .. فاعترفت لمريم بحبي .. قبل أن يمر اسبوع على علاقتي بها .. لا أدري بم شعرت مريم حين أخبرتها بأنني أحبها .. ربما ذعرت .. وربما شعرت بالأسف نحوي .. ولكنها بالتأكيد .. لم تبادلني الاعتراف باعتراف مماثل ..
حاولت مريم قطع علاقتها بي .. ووضحت لي مرارا وتكرارا .. بأنها لا ترى بي سوى أخ وصديق .. وزميل دراسة .. إلا أنني كنت مصرا على عدم الإصغاء .. كنت أؤكد لها بأنها ستحبني يوما ما .. أو انها ربما تحبني فعلا دون ان تدرك ذلك .. أو انها تحبني ولكن ترفض الاعتراف بذلك ..
ولكن كان كل ذلك دون جدوى .. فمريم ظلت على رأيها وموقفها .. وأكدت لي بأنني أتوهم وأنني لا أحبها فعلا .. وأكدت لي رغبتها في قطع العلاقة .. فشعرت بالألم وبالجرح .. وبأن حور قد عادت لجرحي وإيلامي من جديد .. فلم أجد أمامي إلا ريم .. التي ظلت بقربي مواسية .. ومداوية لجراح قلبي الجديدة ..
ظلت ريم تؤكد لي بأنني سأتجاوز هذه المحنة بسلام .. وبأنني سرعان ما سأنسى مريم .. و حاولت ممازحتي مرات ومرات .. بأنني يوما ما .. سأجد المرأة التي تستحق حبي فعلا .. وأن وقت هذه المرأة لم يحن بعد .. وأكدت لي بأنني حين أجدها سأكون أسعد انسان في هذه الدنيا ..
كان لكلماتها تلك .. تأثير مطمئن .. مهدئ .. كانت تشعرني بالسلام والطمأنينه .. وتعطيني أملا بغد أفضل .. ومستقبل أكثر إشراقا .. لا وحدة فيه ولا ألم ..
الذكرى الثالثة والعشرون :
محاولاتي اليائسة في إيجاد بديل لحور .. قد جعلتني اختار الفتيات بشكل عشوائي .. فلم أكتف بالآلام التي كنت اسببها لريم .. ولا بالجرح الذي سببته لي مريم .. بل تماديت كثيرا .. وأخذت اتعرف على الفتيات الواحدة تلو الأخرى ..
كنت كالمحموم الذي كلما أخذ دواءا ما .. ازدادت عليه الحمى .. فبحث عن دواء جديد .. فأصبح الحب لعبة بالنسبة لي .. لأقل بأن كلمة ( أحبك ) اصبحت اسهل كلمة على لساني .. حتى سأمت منها .. وما عدت اشعر بطعمها ..
تحولت فجأة من شاب محافظ خجول .. متردد .. إلى شاب لعوب .. كاذب .. قاس ،، لم اعد اعرف نفسي .. فقد امتلأت نفسي بالمراره .. وكره الذات .. لم اعرف كيف امكنني ان اتغير بهذه الطريقه ؟! ايكون ترك حور لي هو الذي جعلني اتغير إلى هذا الحد ؟! ام انني كنت هكذا منذ البداية ؟!
لا اعرف .. ولكنني بحاجة للتخلص من شبح حور .. ومن تعلقي المحموم بها .. يجب ان اجد فتاة تحبني بصدق .. فتاة مختلفة عن كل من عرفت .. فتاة تعيدني إلى ماكنت عليه يوما .. شاب خجول .. مستقيم .. صادق ..
لم اعد أذكر عدد الفتيات اللواتي عرفتهن خلال هذه المدة .. فقد اصبح تغيير الفتيات هواية بالنسبة لي .. فأتعرف إلى فلانه لأتركها ثم أتعرف إلى غيرها .. لا اذكر أني استمريت في أي علاقة من تلك العلاقات لأكثر من شهرين متتالين .. فقد كانت كل تلك العلاقات .. علاقات فاشله .. ادخلها بفرح وسرور .. وامل بأنني أخيرا وجدت ضالتي .. لأخرج منها بإحباط وضيق .. وشعور كبير باليأس .. وفي كل ذلك .. كانت ريم دوما إلى جانبي .. تراقبني وانا اتنقل من فتاة إلى أخرى .. لم اكن اعرف بم تشعر .. او بم تفكر .. أو بالأحرى .. لم اكن اريد ان اعرف بم تشعر ..
لأنني كنت اعرف في قرارة نفسي بأنني أعذب ريم وأجرحها بعلاقاتي المتكرره .. ولكنني لم اكن اريد ان اعترف لنفسي بذلك .. ربما لأنني كنت أنانيا .. فلو اعترفت لنفسي بأنني أجرحها .. فربما كنت سأتركها ترحل .. او تبتعد عني .. ولكني لم اكن قادرا على ذلك .. فقد كنت بأمس الحاجة إلى وجودها .. إلى دفئها وحنانها .. إلى قوتها وثقتها .. فقد كانت الوحيده التي تستطيع إعادة الأمل والقوة إلي من جديد ..
*****
حري بي ان اخبرك يامفكرتي عن بعض الفتيات اللواتي لا ازلت أذكرهن إلى الآن .. فربما تعذرينني لأنني لم اتمكن من حبهن ..
اذكر أنني تعرفت إلى فتاة تدعى ضحى .. لقد عرفتها منذ نحو عام تقريبا .. كنت قد اعتدت حينها على التعرف إلى أي فتاة تعجبني .. فلم يكن حديثي إليها بشكل مباشر يشكل أي عائق بالنسبة لي .. فقد اصبحت شديد الجرأة كما اخبرتك ..
كانت ضحى ودودة للغاية في البداية .. وقد كنت سعيدا بالتعرف إليها .. فشعرت بأنني أخيرا وجدت ضالتي .. فتأججت مشاعر الفرح والسرور في صدري .. ولم يمر أسبوع على معرفتي بها .. حتى بحت لها بحبي .. وبادلتني البوح ببوح أجمل منه .. فعشنا أياما في غاية السعاده .. ولكنها للأسف كانت مجرد أيام ..
فسرعان ما انكشف قناع المرح والاتزان والرقة الذي تختبئ خلفه ضحى .. لتظهر لي وجها لم اره من قبل .. ربما لأنني بحت لها بحبي اعتقدت بأنني لن اتمكن من رؤية عيوبها .. او انني قد اصبحت ملكا لها .. تستطيع ان تفعل معي ما تشاء ؟!
لا اعرف بالضبط مالذي جرى لها .. ولكنها تحولت إلى إنسانة .. تبكي لأتفه الأسباب .. وتصرخ وتغضب .. بل أنها أحيانا تفقد أعصابها إلى درجة أنها لا تعي ماتقول .. فتشتمني وتجرحني بكلام لم اسمعه في حياتي قط ..
لم اكن افهمها .. كانت تصرفاتها تشعرني بالحيره والضيق .. ولم اكن اجد امامي سوى ريم .. لأشكو إليها .. وأطلب منها النصح والإرشاد فيما علي ان افعل مع ضحى .. وكانت ريم تنصحني دوما بالصبر .. والاحتمال .. وتذكرني بأن هذه العلاقه هي العلاقه رقم ... لا اعرف كم .. وأنني يجب أن استمر بها ..
في البداية حاولت احتمال فورات غضبها .. وحاولت احتمال طبعها الهستيري .. لأنني لم ارد ان افشل مرة أخرى .. ولكنني في النهاية لم اعد اطيق الصبر أو الاحتمال .. فطلبت منها الانفصال بهدوء .. ولكنها بالطبع .. لا تعرف للهدوء معنى ..
لن اقدر أن انسى الفضيحة التي سببتها لي ضحى .. فهي لم تترك شخصا يعرفني إلا وقد شهرت بي وبسمعتي أمامه .. حتى انها كانت تتصل بأمي وأخواتي في الدوحة .. لتشتمني أمامهم .. وتخبرهم بأنني خدعتها واستغللتها ..
شعرت حينها بأنني قد اوقعت نفسي في مأزق .. لا يمكنني الخروج منه .. ورغم أن ريم كانت بجانبي .. وكانت دوما تبث الطمأنينة إلى نفسي .. مؤكدة لي بأن ضحى ستمل مني يوما .. وتتركني دون رجعه .. إلا أنها كانت تسخر مني أحيانا .. مازحة .. بأنني هذه المره لن اعرف كيف أخرج من هذا المأزق الذي اوقعت نفسي فيه ..
وكما تعلقت بي ضحى بسرعه كبيره .. تركتني وشأني أيضا بسرعه مماثلة .. فجأة.. ودون مقدمات .. انتهت الزوبعة التي أثارتها لي .. وقد استغربت الأمر في البداية .. إلا انني سرعان ما اكتشفت بأنها قد ارتبطت بشاب آخر .. فدعوت الله أن لا تتسبب له بفضيحة كما فعلت معي ..
بعد ان تركت ضحى .. كنت قد قررت أن اترك الفتيات وكل ما يتعلق بهن نهائيا .. إلا أنني لم اقدر .. فقد أصبح الأمر كالإدمان بالنسبة لي .. أصبح حب الفتيات يجري مجرى الدم في شراييني ..
فتعرفت على فتاة واثنتين وثلاث .. الشيء الوحيد الذي قد يشفع لي علاقاتي المتعددة تلك .. هو أنني كنت حين ارتبط بفتاه .. ألتزم بها التزاما تاما .. فلا أخونها .. ولا افكر في سواها .. إلى أن أبدأ بالشعور بالملل .. وحينها .. انفصل عن الفتاة بهدوء .. لأبدأ مشوار البحث من جديد ..
بالطبع لم اكن اعتبر علاقتي بريم خيانة للفتاة التي ارتبط بها .. لأنني كنت اوضح دوما لكل فتاة اعرفها .. بأن ريم هي اقرب أصدقائي .. وبأنني اعتبرها جزءا مني لا يمكنني التخلي او التنازل عنه ..
،،،،
هناك فتاة أخرى لازلت أذكرها .. ليس لأنني أحببتها .. فلا يمكنني أن احب فتاة على شاكلتها في يوم من الأيام ..
لازلت أذكرها .. لأنها أصابتني بالغثيان إلى حد لا يطاق .. فقد كانت من النوع الطفيلي .. المتسلق .. الذي يعيش على عطايا الناس وفضلاتهم .. لا أذكر بأنني احتقرت نفسي يوما .. كما احتقرتها حين عرفت تلك الفتاه ..
منذ اليوم الأول لمعرفتي بها .. لم تتردد حنان عن الطلب مني شراء أشياء لها .. فمرة تأخذني إلى محل المجوهرات لأشتري لها خاتما .. ومرة إلى محل الحقائب لأشتري لها حقيبه .. وقد كنت في البداية اقوم بذلك بدافع الخجل .. لأنني لم اكن اريد ان اظهر بمظهر البخيل امامها .. إلا أنني داخليا كنت استنكر طلباتها .. وأكره ما اقوم به ..
حاولت التملص منها .. لأنني لا احب الارتباط بفتاة كل ما تريده مني هو محفظتي .. ولكنني لم اتمكن من ذلك بسهوله .. فهي لم تتركني إلا حين وجدت غنيمة أخرى .. شخص يملك مالا أكثر مني بكثير ..
وقد كان هذا الشخص هو وسيلة خلاصي .. فشكرت الله على إنقاذي منها .. ودعوت الله أن لا تستنفذ حنان كل ما يملك الشخص الذي ارتبطت به ..
ولكن .. هل تبت ؟ هل تركت عادتي التي أدمنت عليها ؟ لا .. لم افعل .. فلا يزال الشعور بالقلق والضياع .. والحاجة إلى حب حقيقي .. تملؤني .. وتسيطر علي .. لا بد أن اجد هذا الحب .. لا بد أن اعثر عليه يوما ما
الذكرى الرابعة والعشرون :
مرت سنتان منذ ان تركتني حور .. وكان تأثيرها قوي علي فيهما .. الى الحد الذي جعلني أرد كل فشل لي في علاقاتي .. إلى حبي لها .. ورغبتي في إيجاد بديل مناسب لها .. ولكني .. لم اعد واثقا اليوم من هذا الحب .. لم اعد واثقا بأن حبي لها كان هو السبب في الفشل .. لم أعد واثقا إن كنت لا ازال احبها .. ام انني كنت اتوهم ذلك ..
ذهبت اليوم الى المدينة التي جمعتني يوما بحور .. فشعرت بالحنين إلى كل مكان ألفته في الماضي .. إلى كل مكان منعت نفسي من العودة إليه لسنتين كاملتين .. فدفعني شوقي وحنيني لزيارة هذه الأماكن .. زرت المقهى القريب من كليتي .. زرت السينما .. ذهبت إلى الشارع الذي كنت اسكن فيه .. مشيت في كل مكان ذهبنا إليه سويا .. حتى انني مررت بكليتها ..
كنت في السنتين الماضيتين أتجنب العودة إلى هنا خوفا من الألم .. خوفا من المشاعر التي قد تثيرها بي رؤيتي للأماكن التي كنا نرتادها سويا .. ولكن .. ربما كان علي العودة إلى هنا منذ مده .. ربما كان يجب أن امر بهذه الأماكن .. لأنني ببساطه .. لم اشعر بأي ألم .. لم اشعر بأي شيء مطلقا .. لقد اصبحت هذه الأماكن .. مجرد اماكن .. بلا معنى .. او قيمة حقيقيه بالنسبة لي ..
لم اكن اتوقع يوما بأنني سأفقد إحساسي نحو تلك الأماكن .. فقد كنت دوما اربط احساسي بها .. بإحساسي بحور نفسها .. ترى .. هل فقدت حبي لحور كما فقدت حنيني إلى كل شيء آخر مرتبط بها ؟!
صدمني اكتشافي هذا .. وجعلني أشعر بحاجة إلى الهروب .. إلى الاختلاء بنفسي في اي مكان .. لأعيد التفكير بكل ما مضى .. لأعيد ترتيب اوراقي من جديد ..
وفي صدمة اكتشافي هذا .. فوجئت بحور .. نعم لقد كانت هي .. خارجة من أحد المجمعات التجارية .. حاملة طفلا صغيرا بين ذراعيها .. لم اصدق عيني .. لا بد انني اتخيل ..
ولكنني لم اكن كذلك .. فقد كانت هي .. بنفس الملامح .. والهيئه .. بنفس الجمال القديم .. ولكنها فجأة فقدت بريقها وسحرها .. ( ربما لم تفقده حقيقه .. فهي لا تزال كما هي .. ولكنني لم أعد اشعر بهذا البريق وهذا السحر ) .. لأول مرة .. ارى حور امامي .. ولا اتأثر لرؤيتها .. لأول مرة .. اراها بعد غياب سنتين .. ولا اشعر بالشوق والحنين إليها .. لأول مرة اراها .. وأشعر بأنها غريبة عني تماما ..
كيف يمكن أن احبها طوال هذين العامين الماضيين .. ومع ذلك .. لا اشعر بالسعادة والسرور لرؤيتها .. لا اشعر بالإثارة والارتباك .. وقد لقيتها أخيرا صدفه ..
رأتني حور .. فارتبكت .. وامتلأت عيناها بالدموع .. وظلت تحدق بي .. تريد ان تقول شيئا .. تريد ان تدنو مني .. ولكن .. ملامح الخوف كانت بادية عليها .. استغربت خوفها .. ودموعها .. فابتسمت لها مطمئنا .. ومحييا .. ثم اسرعت بالانصراف من المكان ..
لم انصرف لأنني شعرت بالألم حين رأيتها .. او حين رأيت طفلها بين ذراعيها .. بل على العكس .. لقد انصرفت لأنني لم اشعر بهذا .. لم اشعر بشيء مطلقا .. كنت دوما اتوقع أنني سأحترق بنار الغيرة إن رأيت ابناء حور .. او زوجها .. وكنت ادعو دوما أن لا اراها او ارى اي احد قريب منها .. خوفا من الشعور بالألم .. ولكنني لم اكن اتخيل يوما .. بأنني سأفقد الإحساس بها إلى هذا الحد ..
عدم احساسي بها .. لا يعني سوى أنني فقدت حبي لها .. ولكن كيف .. ومتى ؟! لا اعرف .. لا أعرف متى بالضبط توقفت عن التفكير بها .. او عن الشعور بالألم لفقدانها ..
نعم .. لم اعد احبها .. إن مشاعري نحوها قد اختفت كليا .. لا اعرف كيف لم أشعر من قبل بأنها اصبحت لا تعني لي شيئا .. ربما كنت في حاجة للمواجهة التي تمت اليوم .. ربما كنت محتاجا لرؤيتها من جديد لأدرك بأنها لم تعد تفتنني كالسابق .. ربما كنت بحاجة لمواجهة نفسي بحقيقة لطالما انكرتها .. خوفا من الاعتراف بها .. حقيقة أنني لم اكن احبها هي .. بل كنت احب حبي لها .. الحب الصادق .. الطاهر .. النقي .. الذي لا يهدف لشيء .. ليتني استطيع استرجاع القدرة على الحب بتلك الطريقه .. ليتني استطيع استرجاع ذاتي التي فقدتها بمرور السنين ..
اكتشافي الجديد سبب لي شعورا بالضياع .. والخوف .. وبحاجة ماسة إلى ريم .. لأخبرها باكتشافي .. لتساعدني على استيعاب ما اكتشفته للتو .. لتخفف عني صدمة هذا الاكتشاف .. فهي الوحيده .. التي تستطيع ذلك .. وهي الوحيدة .. التي أشعر دوما بالحاجة إليها وإلى وجودها قربي .. ليتها كانت هنا معي .. يجب أن اعود إلى المدينه .. واراها .. واخبرها بكل شيء ..
*****
بينما كنت أخطط للعودة إلى المدينة لرؤية ريم .. فوجئت بهاتفي المتحرك يرن .. كان رقما غريبا اراه للمرة الأولى .. لم اعرف من يكون صاحبه .. إلا أنني أجبت في الحال .. لأفاجأ بصوت حور ..
كلمتني حور بصوت بائس .. حزين .. متحشرج .. ورجتني أن اوافق على مقابلتها ولو لخمس دقائق .. لأنها كانت تريد مني ان اساعدها .. حاولت أن ارفض .. إلا أنها أخذت تبكي .. متوسلة .. قائلة بأنها تحتاجني بالفعل .. شعرت بالشفقة عليها فوافقت بشرط أن لا يطول اللقاء بيننا ..
ذهبت لرؤية حور .. بالرغم من عدم رغبتي في ذلك .. وجلست معها أستمع لما تقول بصمت .. والشعور بالغربه يملؤني .. فكنت اشعر بأنني اراها للمرة الأولى في حياتي ..
أخذت حور تردد لي بأنها اسفه لكل ما فعلته بحقي .. وأنها كانت متهورة حين تزوجت .. وأنها عاشت أسوأ سنتين في حياتها .. وقد أخذت جزاءها لظلمها لي .. لأن زوجها لم يكن أبدا كما توقعت ..
اخذت تبكي .. وتقول بأن زوجها كان ظالما .. قاسيا .. لم يتوقف قط عن إيذائها .. سواء بالضرب او الشتم .. حتى لم تعد تطيق البقاء معه .. فطلبت منه الطلاق .. بعد ان رزقت منه بابن .. أطلقت عليه اسم سيف ..
شعرت بالحزن والأسى على حور .. فقد كنت اتمنى لها السعادة في زواجها .. ولم اكن اتوقع ان ينقلب حالها إلى هذا الشكل .. ولكنني لم استطع ان اقول لها بأنني لازلت احبها كما تحبني .. ربما لو انها جاءت إلي قبل هذا اليوم .. لكنت قلت لها ذلك .. ولكنني الآن .. لم أعد واثقا من شعوري نحوها .. فلم اكن اشعر حينها بأي عاطفة سوى الشفقة نحوها ..
اعتذرت لحور .. مواسيا .. وتمنيت لها التوفيق في تربية ابنها .. وشكرتها لأنها اسمته باسمي .. ولكنني قلت لها .. بأنني سأتزوج قريبا .. وبأنني احب فتاة اخرى .. وهي تحبني .. واخبرتها بأن تلك الفتاة هي كل شيء بالنسبة لي .. وانني احتاج لوجودها بقربي كحاجتي للهواء ..
وبهذه الكلمات .. اقفلت صفحة حور في حياتي للأبد .. فلا أظن بأنها ستبقى تؤثر بي بعد اليوم ..
الذكرى الخامسة والعشرون :
لم يكن ماقلته لحور كذبا .. فقد كنت صادقا في كل كلمة قلتها .. نعم .. لأول مرة في حياتي .. اكتشف بأنني كنت اعمى البصيره .. بأنني أكثر الناس غباءا على وجه الأرض .. لقد كانت ريم دوما معي .. وامامي .. ومع ذلك لم ادرك بأنني أحبها أكثر من اي فتاة عرفتها قط ..
لقد كنت اعمى .. لقد كنت انانيا إلى درجة أنني سببت لها جرحا تلو آخر .. دون ان اراعي مشاعرها .. معتمدا دوما على شجاعتها وقوتها .. على ثقتها بنفسها التي لا تقهر .. اردت رؤيتها .. والاعتذار لها مرات ومرات .. حتى تسامحني وتنسى كل مافعلته بها ..
أسرعت بالعودة إلى المدينه .. باحثا عن ريم .. وحالما وجدتها .. اخبرتها بأنني أحبها .. وانني أريد الزواج بها .. بأسرع وقت ممكن .. فتفاجأت ريم .. وارتبكت .. واخذت تضحك .. قائلة بأنني امزح بلا شك .. ولكنني اكدت لها جديتي .. واقسمت بأنني لم اكن صادقا في حياتي قط .. كما كنت في تلك اللحظه ..
لم تعرف ريم بم تجيبني .. فلم تقل شيئا .. إلا ان دموعها خذلتها .. فتساقطت من عينيها باندفاع منهمرة دون توقف .. وأخذت تبتسم وسط دموعها .. فلم اعرف إن كانت حزينه ام مسروره ..
حين هدأت ريم .. اخبرتها بكل شيء عن حور .. وعن لقاءنا .. اخبرتها بأنني فضلتها هي على حور .. وان هذا هو كل ما استطيع ان اقدمه لها كإثبات على صدق مشاعري نحوها .. فوافقت ريم على الزواج بي .. أخيرا .. وقالت لي بأنها لم تتوقف يوما عن حبي .. ولكنها كتمته عني لأنها لم ترد أن أشعر بالخوف او بالقلق.. لأنها لم ترد أن أهرب منها مجددا كما فعلت في المرة السابقة ..
اعتراف ريم بحبها لي طمأنني .. وجعلني أشعر بأنني قد وجدت السعادة اخيرا .. بأن حلمي بالاستقرار قد اوشك ان يكون حقيقه .. وليس مجرد حلما .. فسارعت بالعودة إلى الدوحة .. طالبا من أهلي أن يخطبوا لي ريم ..
وبالفعل .. سرعان ماتمت الخطوبه .. ليتبعها الزواج بعد ان انهيت رسالة الدكتوراة .. وعدت إلى الدوحة اخيرا .. لأستقر بها .. مع زوجتي .. التي أحبها بشغف ..
*****
قضيت الشهور الأولى للزواج بسعادة بالغه .. وعشت أجمل أيام يمكن أن يعيشها انسان .. وقد كانت ريم مثال الزوجة المخلصة الوفيه .. ولكن .. يبدو أن السعادة لا تدوم .. او ان الإنسان لا يرضى ويقنع بما أعطاه الله من خير ..
نعم .. لقد بدأ الملل والسأم يتسلل إلى نفسي مجددا .. فاشتقت إلى مغامراتي الماضية .. إلى لذة اكتشاف مشاعر الحب .. والانتقال من زهرة إلى أخرى .. بحرية .. ودون قيود ..
فعدت أتنقل من علاقة إلى أخرى .. متجاهلا زوجتي تماما .. فتحولت من مدمن للحب .. إلى زوج خائن .. وقد كنت ادرك خلال انغماسي في هذه العلاقات .. بأن ريم تعلم بهذه العلاقات .. رغم حرصي على إخفاء أي أثر يدل عليها .. فقد كانت ريم أكثر من يعرفني في هذه الدنيا ..
تعرف متى أبدأ علاقة جديدة .. لأنني أكون في قمة السعادة حينها .. وتعلم متى أنتهي من تلك العلاقة .. لأنني اصبح كئيبا .. حزينا وقلقا ..
ورغم أن ريم كانت تعرف كل ذلك .. إلا أنها لم تتذمر ولم تشتك يوما .. رغم أن الحزن والأسى أخذا يزدادان وضوحا في عينيها يوما بعد يوم ..
صمت ريم وتحملها لأخطائي .. كان يصيبني بالجنون .. أو ربما .. بتأنيب الضمير .. فحاولت مرارا التوقف عن خيانتها .. التوقف عن العبث والعلاقات العابرة .. إلا أنني لم اقدر .. فأصبحت أسيء معاملتها .. واتصيد لها الأخطاء .. باحثا عن اعذار تبرر لي الخيانة .. لأسكت صوت ضميري .. الذي أخذ يعلو يوما بعد يوم ..
وحين أخبرتني ريم بأنها حامل .. فرحت كثيرا .. وقطعت على نفسي عهدا بأن اتوقف عن كل ما افعل .. ان اصبح زوجا مثاليا .. ووعدتها بأنني سأحاول إسعادها قدر استطاعتي .. وبأنني سأفعل المستحيل من أجلها ومن اجل طفلنا الذي تحمله في أحشائها ..
ولكن .. رغم وعودي .. لم اتوقف يوما عن خيانة ريم .. لا أنكر بأنني حاولت قطع كل علاقاتي .. إلا أنني لم اقدر .. ربما لأنني ببساطه .. لم اكن ارغب في ذلك في قرارة نفسي ..
شعوري بالخجل من مواجهة ريم .. جعلني أهرب من المنزل .. وأقضي أغلب أوقاتي خارجه .. فأصبح البيت بالنسبة لي كالفندق .. لا أدخله إلا للنوم .. في آخر الليل .. لأهرب مع أول شعاع للنور في الفجر ..
لاحظ الجميع ذبول ريم .. وحزنها .. وحاولت أمي أن تنصحني مرات ومرات بمراعاة زوجتي .. وعدم تجاهلها .. بالبقاء معها لوقت أطول .. إلا أنني كنت كالأصم .. الذي لا يسمع شيئا .. فلم اصغ لنصيحتها .. وتجاهلتها تماما ..
واخيرا .. جاء موعد ولادة ريم .. ولأول مرة .. انتابني الشعور بالقلق .. على ريم .. وعلى طفلتي التي تحملها .. فبقيت في المستشفى منتظرا .. اللحظة التي ستضع فيها ريم الطفله ..
كانت الولادة متعسره .. وقضت ريم اكثر من 3 ساعات في غرفة الولادة .. وبقيت أنا أذرع اروقة المستشفى ذهابا وإيابا .. ادعو الله أن تضع ريم الطفلة بسلام .. وأن تخرج من هذه الولادة بخير .. وقد أقسمت أن أتوقف عن كل الذنوب التي كنت ارتكبها ..
ولكن .. حين خرج الطبيب من غرفة الولادة .. لم يعرف .. أيهنئني على قدوم الطفلة .. ام يعزيني لفقدي ريم ... التي لفظت أنفاسها الأخيره بعد ان وضعت طفلتنا..
الذكرى السادسة والعشرون : ( الأخيره )
ها قد مر عشرون عاما .. منذ وفاة ريم .. التي أصابني خبر وفاتها .. بصدمة لم اعرف مثلها في حياتي.. فبكيت .. كما لم ابك يوما .. متمنيا لو تعود الأيام إلى الوراء .. لأعوضها عن كل ما فعلت .. عن كل الأحزان التي سببتها لها ..
لم اعرف في حياتي امرأة مثلها .. ولا اظن بأنني قد اجد مثلها أبدا .. كانت مثالا للصبر والتضحيه والاحتمال .. لازلت اشعر بأنني صغير .. ضئيل جدا أمامها ..
اذكر أنني لم افهم ما قالته ريم لي مرة حين سألتها عن سر عشقها للون الأحمر وارتدائها الدائم له ،، لم افهم حين أجابتني بأنها تحب أن توحي للآخرين بأنها قويه .... رغم انها ليست كذلك في الواقع .. لم ادرك حينها ماتعنيه .. لأنني كنت دوما اراها قوية .. لا تنكسر .. إلا أنني أخيرا فهمت .. أخيرا أدركت بأن قناع القوة والثقه الذين كانت ريم تختبئ خلفهما .. يخفيان قلبا حنونا .. صادقا .. ممتلئ بالدفء والرقه .. بالعطاء والتضحيه .. وأنها لم تكن تريد لهذه المشاعر الرقيقه .. لهذا القلب المعطاء .. أن يكون مكشوفا امام اعين الجميع .. لم تكن تريد أن يستغلها احد .. ولذلك .. اختبأت خلف قناع الجرأة .. قناع يضج بالثقه والقوه .. وكنت انا الوحيد الذي ازالت امامه هذا القناع .. كنت انا الوحيد الذي سمحت له بالن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالأحد مارس 28, 2010 11:08 pm

كنت انا الوحيد الذي سمحت له بالنهل من عطائها وحبها .. ولكنني للأسف .. لم اقدر هذا الحب حق قدره .. لم أفِ ريم حقها .. لم احبها يوما كما احبتني ..
اتذكر نظراتها المتألمه .. المعاتبه بصمت .. فأشعر بأن الحزن والألم يمزقانني .. لقد ماتت وتخلصت أخيرا من عذابها وشقائها .. الذي كنت انا سببا له .. لقد أحبتني إلى الحد الذي جعلها تحتمل خياناتي المتكرره .. تحتمل أخطائي .. صراخي وغضبي .. كل مساوئي ..
وأنا ؟! ماذا كنت ؟! كنت ظالما .. انانيا .. غبيا .. لا يرى سوى نفسه .. ولا يفكر سوى بالنشوة التي يشعر بها حين يجد ضحية جديدة تتعلق به وتحبه .. وحالما يتأكد من حب تلك الضحية له .. يسرع بتركها .. شاعرا بالملل .. باحثا عن ضحية جديدة ..
لطالما كنت ابحث عن السعاده .. وأتساءل أين أجدها .. وكيف أجدها .. وكنت أظن أنني وجدتها في العبث .. والتنقل باستهتار من علاقة إلى أخرى .. ولكنني .. حين فقدت ريم .. اكتشفت بأنني كنت فعلا سعيد معها .. وبأنني ماعرفت السعادة إلا بقربها .. ولكنني للأسف لم اكتشف ذلك .. إلا متأخرا .. ومتأخرا جدا ..
حين توفيت ريم .. شعرت بالكره والاحتقار لنفسي .. شعرت بأنني لا استحق ان اعيش .. فتمنيت الموت .. تمنيت لو أنني استطيع ان اعيدها للحياة لأعوضها عن كل ما فعلت بحقها .. وأظن بأنني ما كنت سأطيق الاستمرار بالحياة .. لولا .. وعد ..
إن سألتني عن العشرين سنة الماضيه .. سأخبرك بأنني كنت سعيدا وراضيا بما اعطاني إياه الله .. لقد أخذ الله ريم مني.. وعوضني بوعد بدلا منها .. ولأول مره .. لم تعد الرغبة في العبث والاستهتار تقودني .. لأول مره .. اشعر بأن حياتي أصبح لها قيمة وهدفا ..
فمنذ أن ضممت وعد بين ذراعي .. تعلقت بها .. فوهبتها كل وقتي .. وشغفت بها أيّما شغف .. فلم اعد أرى غيرها .. ولم اعد أريد غيرها .. لأول مرة .. اشعر بمشاعر حب .. لم اعرف مثلها قط .. مشاعر الأبوه .. انقى واطهر واجمل أنواع الحب التي يمكن للمرء ان يشعر بها يوما ..
وها انا اليوم .. اقف منتظرا قدوم طفل وعد إلى الحياة .. بكل فخر .. بكل شوق لهذا الطفل الذي سأحبه .. تماما كما احببت أمه .. التي علمتني كيف تكون السعادة الحقيقيه .. وكيف تكون المشاعر صافية نقية ..
،،، لقد عدت إليك اليوم يامفكرتي بعد انقطاع دام عشرون عاما .. لأنهي آخر صفحة بك .. آخر صفحة للضياع والبؤس .. لأقول لك .. ولكل من يقرؤك في يوم من الأيام .. بأنني كنت مخطئا .. كنت مخطئا منذ البداية .. فلست أدري كم قلبا حطمت في مسيرتي للبحث عن نشوة المشاعر .. ولذة اكتشاف الحب .. لست أدري كم جرحا خلفت في قلوب من عرفت من ضحايا .. ولست أدري إن كان لي الحق بطلب الصفح والسماح من كل من أخطأت بحقهن ..
ولكنني أعترف بذنبي .. واعترف بخطأي .. وقد قضيت العشرون عاما الماضيه في محاولة التكفير عن هذا الذنب والتوبة منه .. وأن نعرف الخطأ ونحاول إصلاحه .. خير ألف مرة .. من معرفته والإصرار عليه ..
لقد عدت اليوم لأقول بأنني آسف حقا .. وبأنني هنا لأقف ضارعا .. طالبا من كل من يقرأ هذه المذكرات .. بأن لا يسيء الحكم علي .. وليعد النظر مرارا .. قبل أن يكرهني .. أو أن يتهمني بأي اتهام .. ولست أدعي هنا بأنني بريء لا ذنب لي .. ولكنني أطلب العفو والسماح والمغفره ..
فإن كان الله يغفر الذنوب جميعا ،، افلا يحق لي أن أطلب من كل من أسأت إليه بأن يغفر لي ذنوبي وأخطائي ؟! ألا يحق لي .. بأن أطلب من كل من يقرأ هذه المذكرات أن يغفر لي عثراتي وزلاتي ؟!
أنا بشر .. مثلكم تماما يامن تقرأون مذكراتي .. وكل ما اريده قبل ان تحكموا علي بالسوء .. وقبل ان تقرروا إن كنت استحق العفو والسماح او الكره والاحتقار .. هو قراءة هذه العباره .. مرات ومرات .. قبل إصدار حكمكم .. وبعدها .. لكم مطلق الحق في فعل ماتشاؤون ..
كل ما سأقوله لكم هو : ( من كان منكم بلا أخطاء ،، فليرمني بحجر ) ...
ووداعا يامذكراتي وداعا ابديا .. لا عودة بعده ..
تمت بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
aragone 40
مساعد مدير
مساعد مدير
aragone 40


ذكر
المساهمات : 444
العمر : 34
الموقع : www.zoui.yoo7.com
جنسيتك : الجزائر
اارمز : مذكرات عاشق 1187177599
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالإثنين مارس 29, 2010 12:26 pm

شكرا لك كريم على هذا الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
karim-b
عضو نشيط
عضو نشيط



ذكر
المساهمات : 44
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 19/12/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 9:46 am

شكرا على مرورك الكريم واتمنى ان يعجبك الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
smile
مساعد مدير
مساعد مدير
smile


انثى
المساهمات : 815
العمر : 32
الموقع : منتدى درب القلم
جنسيتك : الجزائر
اارمز : مذكرات عاشق Admin
تاريخ التسجيل : 11/08/2009

مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 3:27 pm

شكرا جزيلا أخي كريم
موضوع رائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




مذكرات عاشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات عاشق   مذكرات عاشق Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 9:36 pm

gooooooooooooooooooooooooooشكرا أخي على الموضوع الجميل أتمنى لك التوفيق في حياتك اليومية او الغرامية
نصيحة فقط اذا احببت شخص فلا تكذب عليه و صارحه فقط بفهمكoooooooooooood
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكرات عاشق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وصية عاشق
» مذكرات في الاجتماعيات
» مذكرات اللغة العربية
» من مذكرات تلميذ كسول .......
» مذكرات اللغة العربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات درب القلم العربية :: المنتدى الأدبي :: قسم القصص الصغيرة والحكايات-
انتقل الى: