اكراما للعلم وأهل العلم في هذا اليوم الذي يحتفي فيه الجزائرييون بالعلم نبراس الدروب وسيراج الشعوب ومجد الامة التي تحترم العلم وحملته، في الوقت الذي لا تزال الكثير من الاصوات في هذا البلد العزيز تقلل من أهمية الثقافة والمعرفة وقيمة العلم والعلماء بشكل أو بآخر وتدفع بأبناء الجزائر الأخيار من أدمغة البلد إلى الهجزة هذه وقفة تأمل واعتبار وتدبر في مسيرة من أبو إلا أن تظل الجزائر واقفة وماجدة دائما..
..
شعب الجزائر مسلم
شَعْـبُ الجزائـرِ مُسْلِـمٌ وَإلىَ العُروبـةِ يَنتَسِـبْ
مَنْ قَالَ حَادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَالَ مَاتَ فَقَـدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَـاجًـا لَــهُرَامَ المُحَال من الطَّلَـبْ
يَانَـشءُ أَنْـتَ رَجَاؤُنَـا وَبِكَ الصَّباحُ قَدِ اقْتَـربْ
خُـذْ لِلحَيـاةِ سِلاَحَـهـاوَخُضِ الخْطُوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَنارَ الْعَـدْلِ وَالإحْسانِ وَاصْدُمْ مَن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَائنيـنَ فَمنْهُـم كُـلُّ الْعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُـوسَ الظَّالمِيـنَ سُمًّـا يُمْـزَج بالرَّهَـبْ
وَاهْزُزْ نفوسَ الجَامِديـنَ فَرُبَّمَـا حَـيّ الْخَـشَـبْ
مَـنْ كَـان يَبْغـي وَدَّنَـافَعَلَى الْكَرَامَةِ وَالرّحـبْ
أوْ كَـانَ يَبْغـي ذُلَّـنَـا فَلَـهُ المَهَانَـةُ والحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَيَاتِـنَـابالنُّـورِ خُـطَّ وَبِاللَّهَـبْ
حتَّـى يَعـودَ لقَومـنَـامن مَجِدِهم مَا قَدْ ذَهَـبْ
هَـذا لكُـمْ عَهْـدِي بِـهِحَتَّى أوَسَّدَ فـي التُّـرَبْ
فَـإذَا هَلَكْـتُ فَصَيْحتـي تَحيَا الجَزائرُ وَ الْعـرَبْ
ابن باديس معلمًا ومربيًا
آمن ابن باديس بأن العمل الأول لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو التعليم، وهي الدعوة التي حمل لواءها الشيخ محمد عبده، في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وأذاعها في تونس والجزائر خلال زيارته لهما سنة (1321هـ= 1903م)، فعمل ابن باديس على نشر التعليم، والعودة بالإسلام إلى منابعه الأولى، ومقاومة الزيف والخرافات، ومحاربة الفرق الصوفية الضالة التي عاونت المستعمر.
وقد بدأ ابن باديس جهوده الإصلاحية بعد عودته من الحج، بإلقاء دروس في تفسير القرآن بالجامع الأخضر بقسطنطينة، فاستمع إليه المئات، وجذبهم حديثة العذب، وفكره الجديد، ودعوته إلى تطهير العقائد من الأوهام والأباطيل التي علقت بها، وظل ابن باديس يلقي دروسه في تفسير القرآن حتى انتهى منه بعد خمسة وعشرين عامًا، فاحتفلت الجزائر بختمه في (13 من ربيع الآخر 1357هـ= 12 من يونيو 1938م).
ويُعدّ الجانب التعليمي والتربوي من أبرز مساهمات ابن باديس التي لم تقتصر على الكبار، بل شملت الصغار أيضًا، وتطرقت إلى إصلاح التعليم تطوير ومناهجه، وكانت المساجد هي الميادين التي يلقي فيها دروسه، مثل الجامع الأخضر، ومسجد سيدي قموش، والجامع الكبير بقسطنطينة، وكان التعليم في هذه المساجد لا يشمل إلا الكبار، في حين اقتصرت الكتاتيب على تحفيظ القرآن للصغار، فعمد ابن باديس إلى تعليم هؤلاء الصغار بعد خروجهم من كتاتيبهم.
ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين
احتفلت فرنسا بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر في سنة (1349هـ= 1930م) فشحذ هذا الاحتفال البغيض همّة علماء المسلمين في الجزائر وحماسهم وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فتنادوا إلى إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يعبر عن اتجاههم ومقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخبوا ابن باديس رئيسًا لها.
وقد نجحت الجمعية في توحيد الصفوف لمحاربة المستعمر الفرنسي وحشد الأمة الجزائرية ضدها، وبعث الروح الإسلامية في النفوس، ونشر العلم بين الناس، وكان إنشاء المدارس في المساجد هو أهم وسائلها في تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى الوعّاظ الذين كانوا يجوبون المدن والقرى، لتعبئة الناس ضد المستعمر، ونشر الوعي بينهم.
لم يكن ابن باديس مصلحًا فحسب، بل كان مجاهدًا سياسيًا، مجاهرًا بعدم شرعية الاحتلال الفرنسي، وأنه حكم استبدادي غير إنساني، يتناقض مع ما تزعمه من أن الجزائر فرنسية، وأحيا فكرة الوطن الجزائري بعد أن ظنّ كثيرون أن فرنسا نجحت في جعل الجزائر مقاطعة فرنسية ، ودخل في معركة مع الحاكم الفرنسي سنة (1352هـ= 1933م) واتهمه بالتدخل في الشئون الدينية للجزائر على نحو مخالف للدين والقانون الفرنسي، وأفشل فكرة اندماج الجزائر في فرنسا التي خُدع بها كثير من الجزائريين سنة (1353 هـ= 1936م).
وتوفي ابن باديس في (8 من ربيع الأول 1359 هـ= 16 من إبريل 1940م).
** يعتبر يوم 16 أفريل من كل عام ، يوم العلم بالجزائر **